حياة العلوم

م الأربعين النووية مع الزيادة الرجية سؤال و جواب

المقدمة

س1: من مؤلف كتاب الأربعين النووية؟ ومتى تُوفي؟

ج1: هو العلَّامة يحيى بن شرف النووي رحمه الله.
المتوفَّى سنة: ست وسبعين وستمائة. ص6

س2: لماذا ابتدأ المصنف كتابه بالبسملة والحمدلة والشهادة لله بالتوحيد ولمحمد ﷺ بالرسالة، ثمَّ صلى عليه وعلى سائر الأنبياء والمرسلين وآل كلٍ وسائر الصالحين؟

ج2: هؤلاء الأربع المذكورات من آداب التصنيف. ص7

س3: ما هو معنى: الجامع من الكلم؟

ج3: ما قلَّ مبناه وَجَلّ معناه، فهو جامع بين كونه قليل المباني جليل المعاني. ص8

س4: جوامع الكلم التي أوتيها النبي نوعان، اذكرهما.

ج4: أحدهما: القرآن الكريم.
والآخر: ما صدق عليه الوصف المتقدم من كلامه ﷺ مما يكون قليل الألفاظ جليل المعنى. ص8

س5: ما هو الحديث الذي اعتمد عليه المصنفون في تصنيف الأربعين؟ وما هي درجته؟

ج5: أن رسول الله قال: (مَنْ حفظ على أمتي أربعين حديثًا من أمر دينها بعثه الله يوم القيامة في زمرة الفقهاء والعلماء)، وفي رواية: (بعثه الله فقيهاً عالمًا)، وفي راوية أبي الدرداء رضي الله عنه: (وكنت له يوم القيامة شافعًا وشهيدًا)، وفي رواية ابن مسعود رضي الله عنه: (قيل له: ادخل من أي أبواب الجنة شئت)، وفي رواية ابن عمر رضي الله عنه: (كُتب في زمرة العلماء، وحُشر في زمرة الشهداء).
واتفق الحفاظ على أنَّه حديثٌ ضعيف. ص9

س6: اذكر الروايات المختلفة في لفظة (رُوّينا)؟ واذكر المقام لكلِّ لفظ؟

ج6: أولها: ضم الراء، وكسر الواو مشددة (رُوِّينا).
وثانيتها: فتح الراء والواو بلا تشديد (رَوَينا).
والثالثة: ضم الراء وكسر الواو مخففة بلا تشديد (رُوِينا).
واللغة الثالثة فرع عن اللغة الأولى، والأوليان هما المشهورتان، وكل لغة منهما لها مقامها:
فأما رُوِّينا فيُستعمَل إذا ابتدأه شيوخه بالرواية فأنعموا له عليه بها.
وأما (رَوَينا) فمُستعمَل إذا اجتهد الراوي في استخراج مروي شيوخه، وتحصيله عنهم؛ فيقول: (رَوَينا) باعتبار ما حصّل من الرواية. ص10

س7: من هو الحافظ الذي مال إلى ثبوت الحديث المتقدم؟

ج7: الحافظ أبي طاهر السِّلَفِي؛ فإن ظاهر كلامه في مقدمة كتابه (الأربعين البلدانية) القول بثبوته. ص11

س8: ما هو الباعث على تصنيف المؤلف لكتابه؟

ج8: الباعث له على تصنيف الأربعين وهو شيئان:
أحدهما: الاقتداء بمَنْ ذكر من الأئمة الأعلام حُفاظ الإسلام.
والآخر: بذل الجهد في بث العلم عملاً بقوله ﷺ: (ليبلغ الشاهد منكم الغائب) متفق عليه من حديث أبي بكرة رضي الله عنه.
وقوله ﷺ: (نضّر الله امرأً سمع مقالتي فوعاها فأداها كما سمعها) رواه أبو داود والترمذي من حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه وإسناده صحيح. ص11

س9: ذكر المؤلف اتفاق أهل العلم على جواز العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال، وهذا فيه نظر من وجهين، اذكرهما

ج9: أحدهما: حكاية الاتفاق عليه، فالمخالف فيه جماعة من الأكابر كأبي الحسين مسلم بن الحجاج صاحب الصحيح، ولو قيل: (إنه قول الجمهور) لكان أقرب، وهو الذي حكاه المصنف نفسه في كتابه الآخر (الأذكار) فإنه جعله قولاً للجمهور لا اتفاقاً.
والآخر: أن الصحيح عدم جواز العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال ما لم يقترن بما يدعو إليه من دليل خارجي كإجماعٍ، أو قول صحابي، أو غيرهما مما هو مُبيَّن في محله اللائق بذلك. ص12

س10: ذكر المصنف شرط كتابه وأنَّه يرجع إلى سبعة أمور، اذكرها.

ج10: الأول: أنه مشتمل على أربعين حديثًا، وهو كذلك بإلغاء الكسر الزائد على عدد الأربعين.
والثاني: أن هذه الأربعين شاملةٌ لأبواب الدين أصولًا وفروعًا، وقد قارب رحمه الله وترك شيئاً للمتعقِّب عليه بعده.
والثالث: أن كل حديث منها قاعدة من قواعد الإسلام، قد وصفه العلماء بأن مدار الإسلام عليه، أو هو نصف الإسلام، أو ثلثه أو نحو ذلك تعظيماً لشأنه.
والرابع: أن كل هذه الأحاديث صحيحة فيما أداه إليه اجتهاده، وقد خُولف في بعضها كما ستعلم خبره في مواضعه.
الخامس: أن معظمها في صحيحي البخاري ومسلم، وعدة ما فيها من أحاديث الصحيحين اتفاقًا وافتراقًا تسعةٌ وعشرون حديثًا. والسادس: أنه يذكرها محذوفة الأسانيد ليسهل حفظها ويعم نفعها؛ فالمقصود بالحفظ: هو اللفظ النبوي المسمى بالمتن، أما الإسناد: فزينة له لا تُراد لذاتها.
والسابع: أنه يُتبعها بباب في ضبط خفيّ ألفاظها، هو بمنزلة الشرح الوجيز جدًا، وتتأكد الحاجة إليه اعتناءً بضبط ألفاظ الحديث النبوي لئلا يقع العبد في تحريف الحديث وتصحيفه. ص13

الحديث الأول

س1: هل الحديث الأول الذي ذكره المصنف (إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ) يوجد في سياقه التام في كتاب البخاري أو مسلم؟

ج1: هذا الحديث لا يوجد بهذا السياق التام لا في كتاب البخاري ولا في كتاب مسلم، وهو مُلفق من روايتين منفصلتين للبخاري، فعزوه إليهما باعتبار وجود الألفاظ فيهما، وإن لم يتفقا على سياق واحد. ص14

س2: في قوله : (إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى) جملتان تتضمنان خبرين، ما هما؟

ج2: الجملة الأولى: خبر عن حُكم الشريعة على العمل؛ فالأعمال بالنيات.
والجملة الثانية: خبر عن حُكم الشريعة على العامل؛ فلكل امرئ من عمله ما نوى. ص14

س3: عرف النية شرعًا.

ج3: النية شرعًا: هي إرادة القلب العمل تقربًا إلى الله. ص15

س4: ما هو المثال الذي ضربه النبي لتقرير (إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى). حيث ذكر عملًا واحدًا في صورته اختلفت مثوبته بالنظر إلى نية العامل.

ج4: العمل المذكور هو الهجرة، والعاملون له نوعان:
أحدهما: المهاجر إلى الله ورسوله.
والآخر: المهاجر إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها.
فكان جزاء الأول أن وقع أجره على الله، وأشِيرَ إلى تحقق أجره بالمطابقة بين العمل والجزاء في قوله : (فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إلَى اللَّهِ وَرَسُولِه).
والآخر لم ينل من هجرته إلا كونه تاجرًا أو ناكحًا فلم يصب من هجرته إلا كونه تاجرًا أو ناكحًا؛ فهو تاجرٌ إذا أصاب دنيا وهو ناكح إذا تزوج امرأةً. ص15

س5: كيف كانت الإشارة إلى هوان حظ الثاني الذي قصد التجارة أو النكاح؟

ج5: أشِيرَ إلى هوان حظِّهِ من هجرته بطي ذِكْره في قوله ﷺ: (فَهِجْرَتُهُ إلَى مَا هَاجَرَ إلَيْهِ)، أي: ليس له منها شيء سوى ما قصده من التجارة والنكاح. ص15

س6: لماذا اختار النبي ضرب المثال بالهجرة؟

ج6: اختار النبي ضرب المثال بالهجرة لأنها عمل لم تكن تعرفه العرب في أحوالها؛ فإن العربيَّ شديد المحبة لأرضه، قوي اللصوق بها، فلا يفارقها إلا في ابتغاء شيء كالربيع ثم يرجع إليها، أو لغلبة عدو عليها، فجاء الإسلام بنزع الأبدان من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام لِتَخْلَصَ القلوب من شر الكفر، وتكونَ في حصن آمن منه. ص15

الحديث الثاني

س1: في قوله (فَأَسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إلَى رُكْبَتَيْهِ، وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ) من المقصود بهذه الجملة؟

ج1: أسند ركبتيه إلى ركبتي النبي ، ووضع كفيه على فَخِذي رسول الله . وقع التصريح بذلك في القصة من رواية أبي هريرة وأبي ذر رضي الله عنهما مقرونين عند النسائي، وإسناده صحيح. ص17

س2: لمَ فعل جبريل هذا الفعل وجلس على هذه الهيئة؟

ج2: المبالغة في إظهار حاجته، وافتقاره إلى مقصوده، فالاطِّراحُ عند العرب قديماً وإلى اليوم هو لإظهار الحاجة، وشدة المبالغة في الطلب، فربما انطرح بجسده، وربما انطرح بيديه، وربما أخذ شيئاً من لباسه فألقاه على مَنْ يريد منه شيئاً لإظهار حاجته إليه. ص17

س3: ما هي أركان الإسلام؟

ج3: الْإِسْلَامُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ الْبَيْتَ إنْ اسْتَطَعْت إلَيْهِ سَبِيلًا. ص16

س4: الإيمان في الشرع له معنيان، ما هما؟ واذكر حقيقة الإيمان شرعًا.

ج4: الإيمان في الشرع له معنيان:
أحدهما: عام؛ وهو الدين الذي بعث الله به محمدًا ﷺ.
والآخر: خاص؛ وهو الاعتقادات الباطنة، وهذا المعنى هو المقصود إذا قُرن الإيمان بالإسلام والإحسان.
وحقيقة الإيمان شرعًا: التصديق الجازم باطنًا وظاهرًا بالله تعبدًا له بالشرع المُنزَّل على محمد على مقام المشاهدة أو المراقبة. ص17

س5: ماهي أركان الإيمان؟

ج5: (أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره). ص18

س6: ما هي حقيقة الإحسان المرادة في الحديث؟ وما هو متعلقه؟ وما معناه؟

ج6: أما حقيقة الإحسان فالمراد به هنا: الإحسان مع الخالق.
ومتعلقه: إتقان الشيء وإجادته.
وله معنيان:
أحدهما: عام؛ وهو الدين الذي بعث الله به محمدًا ﷺ.
والآخر: خاص؛ وهو إتقان الباطن والظاهر، وهذا المعنى هو المقصود إذا قُرِن الإحسان بالإيمان والإسلام. ص18

س7: ما هي حقيقة الإحسان شرعًا؟ وما هي أركانه؟

ج7: حقيقته شرعًا: إتقان الباطن والظاهر لله تعبدًا له بالشرع المنزَّل على محمد ﷺ على مقام المشاهدة أو المراقبة.
وأما أركانه فاثنان:
أحدهما: عبادة الله.
والآخر: إيقاع تلك العبادة على مقام المشاهدة أو المراقبة. ص18

س8: هل يمكن أن تقع عبادة من المرء بلا وجود مشاهدة ولا مراقبة؟

ج8: نعم. كالعبادة التي تكون رياءً أو مرادًا بها الدنيا. ص18

س9: الحديث المذكور (بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ذَاتَ يَوْمٍ....) منقسم إلى قسمين اذكرهما.

ج9: أحدهما: في بيان المطلوب من الأعمال.
والآخر: في بيان محل الجزاء في المآل. ص19

س10: ما معنى(أمَارَتِهَا)؟ وكم أمارة ذكر النبي ؟

ج10: الأمارة بفتح الهمزة: هي العلامة.
وقد ذكر النبي في هذا الحديث علامتين:
الأولى: (أَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ رَبَّتَهَا).
الثانية: (أَنْ تَرَى الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ الْعَالَةَ رعَاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُونَ فِي الْبُنْيَانِ. ص19

س11: ما معنى (أَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ رَبَّتَهَا)؟ وما معنى الرب في لسان العرب؟

ج11: الأَمة: هي الجارية المملوكة.
وربتها: الربة: مؤنث الرب، أي: مالكتها وسيدتها والقائمة عليها.
فإن الرب في لسان العرب يرجع إلى معانٍ ثلاثة: السيد، والمالك، والقائم على الشيء المصلح له. ذكره ابن الأنباري وغيره. ص19

س12:ما معنى: (أَنْ تَرَى الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ الْعَالَةَ رعَاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُونَ فِي الْبُنْيَانِ)؟

ج12: الحفاة: هم الذين لا ينتعلون، والعراة: هم الذين لا يلبسون ما يستر عوراتهم.
والعالَة (بفتح اللام مخففةً): هم الفقراء، والرعاء: هم الذين يرعون بهائم الأنعام؛ الإبل، والبقر، والغنم.
والمراد بتلك الأوصاف: تحقيق شدة فقرهم، ثم تُفتح لهم الدنيا حتى يتطاولون في البنيان أي: يتفاخرون في تشييده مرفوعاً في السماء فإنَّ التطاول مخصوص بالمفاخرة في الطول. ص19

الحديث الثالث

س1: ما هي حقيقة الإسلام شرعًا؟

ج1: حقيقة شرعًا: استسلام الباطن والظاهر لله تعبدًا له بالشرع المنزَّل على محمد على مقام المشاهدة أو المراقبة. ص21

س2: شرائع الإسلام بالنظر إلى الركنية وعدمها نوعان، ما هما؟

ج2: أحدهما: شرائع الإسلام التي هي أركانه، وهي الخمس المذكورة في هذا الحديث، ولا سادس لها.
والآخر: شرائع الإسلام التي ليست أركانًا له، وهي: ما عدا الخمس المذكورة. ص21/22

س3: يقع في كلام بعض أهل العلم أن الجهاد أو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو الركن السادس من أركان الإسلام، ما وجه هذا؟

ج3: هم لا يريدون حقيقة الركنية؛ إذ لا يجهل آحاد المسلمين أن أركان الإسلام خمسة؛ لكنهم يُعبرون بذلك إرادة التعظيم على تقدير أنه لو كان لها سادس لكان هذا. ص22

س4: اشرح أركان الإسلام التي ذكرها النبي ؟

ج4: الركن الأول في قوله ﷺ: (شَهَادَةِ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عبده ورسوله)؛ فالشهادة التي هي ركن من أركان الإسلام هي الشهادة لله بالتوحيد ولمحمد ﷺ بالرسالة.
وذكر الركن الثاني في قوله: (وَإِقَامِ الصَّلَاةِ) والصلاة التي هي ركن من أركان الإسلام هي الصلوات الخمس المفروضة في اليوم والليلة.
وذكر الركن الثالث في قوله: (وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ)، والزكاة التي هي ركن من أركان الإسلام: هي الزكاة المفروضة في الأموال المعيَّنة.
وذكر الركن الرابع في قوله: (وَحَجِّ الْبَيْتِ)؛ وحج البيت الذي هو ركن من أركان الإسلام: هو حج بيت الله الحرام في العمر مرة واحدة.
وذكر الركن الخامس في قوله : (وَصَوْمِ رَمَضَانَ)، فالصوم الذي هو ركن من أركان الإسلام: هو صوم شهر رمضان في كل سنة. ص22

س5: هل زكاة الفطر من الزكاة المفروضة في الأموال المعينة أم ليست منها؟

جواب
ج5: ليست منها. ص22

س6: المقادير المذكورة هي المعينة لحدود تلك الأركان، فما خرج عنها هل يُعدُّ من ركنية الركن؟

ج6: ما خرج عن المقادير ليس من ركنية الركن وإن كان واجباً، كصلاة العيد والكسوف عند مَنْ يوجبهما، أو زكاة الفطر، أو صوم النذر وحجه، فإن هذه المذكورات اللواتي هن واجبات إما اتفاقًا وإما عند قوم من أهل العلم لا تندرج في حقيقة الركن المتعلق بها. ص22/23

الحديث الرابع

س1: ما معنى قوله (إنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ)؟

ج1: المراد بالجمع: الضم، ومحله الرّحم، بالتقاء ماء الرجل والمرأة إذا اجتمعا فيكون نطفة. ص24

س2: الجنين تجري عليه ثلاثة أطوار، اذكرها.

ج2: أولها: طور النطفة. وثانيها: طور العلقة.
وثالثها: طور المضغة. ص25

س3:ما معنى كلٍّ من: علقة ومُضغة؟

ج3: العلقة: هي القطعة من الدم.
والمضغة: هي القطعة الصغيرة من اللحم. ص24/25

س4: كتابة المقادير تقع في الرحم مرتين، اذكرهما.

ج4: الأولى: بعد الأربعين الأولى في أول الثانية، وجاء ذِكْرها في حديث حذيفة بن أَسِيد الغِفَاري رضي الله عنه عند مسلم.
والثانية: بعد الأربعين الثالثة، أي: بعد أربعة أشهر، وهي المذكورة في حديث ابن مسعود رضي الله عنه هذا.
والقول بكتابة المقادير مرتين هو الذي تجتمع به الأدلة وتدل عليه، واختاره أبو عبد الله ابن القيم في كتاب (التبيان) و(شفاء العليل) و(حاشية تهذيب سنن أبي داود). ص26

س5: لماذا تقع كتابة المقادير مرتين؟ يعني يُكتب في أول الثانية ثم يُكتب بعد الأربعين الثالثة؟

ج5: قع تكرار كتابة المقادير تأكيدًا لثبوتها ونفوذها. ص25

س6: اشرح قوله (إنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ...) الحديث؟

ج6: هو باعتبار ما يبدو للناس لا في حقيقة الأمر، لحديث سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: (إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يظهر للناس..) الحديث، حتى قال: (وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار فيما يظهر للناس..) متفق عليه.
فالعامل بعمل أهل الجنة الكائن من أهل النار هو يعمل بعملهم فيما يظهر وله في باطنه خسيسة يخفيها، فيسبق عليه الكتاب فتغلب عليه فيظهرها، ويموت عليها فيدخله الله النار.
والعامل بعمل أهل النار فيما يظهر للناس الكائن من أهل الجنة هو يعمل بعملهم فيما يظهر للناس، وله مع ربه خصيصة يخفيها، فيسبق عليه الكتاب فتغلب عليه فيظهرها فيموت عليها فيدخله الله الجنة.
فالمحكوم عليه في الظاهر هو باعتبار ما يدركه الناس، والمحكوم عليه في الباطن هو باعتبار ما يعلمه رب الناس، وهذا مما يُزَهد العبد في النظر إلى الخلق في عمله؛ لأن الناس يظهر لهم شيء لا يُعتَد به، وإنما المعتد به ما يعلمه الله سبحانه وتعالى منك.
والخلق في بواطنهم بين الخسائس والخصائص؛ فمَنْ كان باطنه معمورًا بالخسائس الرديئة جرته إلى النار، ومَنْ كان باطنه معموراً بالخصائص الزهية أدخلته الجنة. ص26

الحديث الخامس

س1: ما هو المعلَّق عند المحدِّثين؟

ج1: المعلَّق: ما سقط من مبتدأ إسناده فوق المصنف راوٍ أو أكثر. ص27

س2: في حديث (مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ) بيان مسألتين عظيمتين، ما هما؟

ج2: المسألة الأولى: في قوله : (مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ منه)؛ ففيه بيان حد المُحدَثة في الدين التي سمتها الشريعة بدعة، فبُينت حقيقتها بأربعة أمور:
أولها: أن البدعة إحداث، أي: ابتداء شيء.
وثانيها: أن ذلك الإحداث في الدين لا الدنيا.
وثالثها: أنه إحداث في الدين بما ليس منه؛ أي: لا يرجع إلى أصوله ومقاصده، ولا يمكن بناؤه على قواعده.
ورابعها: أن هذا الإحداث في الدين بما ليس منه يُقصَد به التعبد؛ لأن حقيقة جعْله ديناً إرادة التقرب إلى الله به.
والمسألة الثانية: بيان حُكم البدعة في قوله ﷺ: (رَدٌّ) أي: مردود؛ فهي لا تُقبَل من صاحبها. ص27/28

س3: ما هو التعريف الشرعي للبدعة؟

ج3: ما أُحدِثَ في الدين مما ليس منه بقصد التعبد. ص28

س4: قوله : (مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا) أعم من اللفظ الأول لماذا؟

ج4: لأنها تبين رد نوعين من العمل:
أحدهما: عمل ليس عليه أمرنا وقع زيادة على حُكم الشريعة.
والآخر: عمل ليس عليه أمرنا وقع مخالفًا لحُكم الشريعة. ص28

س5: الشريعة لها ميزان مركب من شيئين، ما هما؟

ج5: أحدهما: ما يتعلق بالباطن، وهو المذكور في حديث عمر: (إنما الأعمال بالنيات).
والآخر: ما يتعلق بالظاهر، وهو المذكور في حديث عائشة هنا. ص28

الحديث السادس

س1: الأحكام الشرعية الطلبية من جهة ظهورها نوعان، ما هما؟

ج1: النوع الأول: بيِّن جليّ؛ فالحلال بيِّن، والحرام بيّن، كحِلِّ بهيمة الأنعام وحُرمة الزنا.
والنوع الثاني: مشتبه متشابه؛ والمتشابه في الأحكام الشرعية الطلبية هو ما لم يتضح معناه، ولا تبيّنت دلالته. ص29

س2: الناس فيما يشتبه عليهم من الأحكام الطلبية قسمان، ما هما؟

ج2: القسم الأول: مَنْ يكون متبيّنًا لها عالمًا بها، وأُشير إليه بقوله ﷺ: (لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ)، فإن نفي علم المتشابه عن كثير من الناس فيه إثبات علمه عند كثير من الناس، فإنه لا يخفى على الناس كلهم، وإلا لقال: لا يعلمه الناس، فيكون فيهم مَنْ يعلمه ومَنْ لا يعلمه.
والقسم الثاني: مَنْ لا يتبينها ولا يعلم حُكم الله فيها. ص30

س3: الناس الذين تشتبه عليهم الأحكام الطلبية، فلا يتبَّينون فيها، ولا يعلمون حكم الله فيها صنفان، ما هما؟

ج3: أحدهما: المتقي للشبهات التارك لها.
والآخر: الواقع فيها الراتع في جنباتها. ص30

س4: تناول المتشابه محرَّم على مَنْ لا يتبيّنه لأمرين، ما هما؟

ج4: أحدهما: الاستبراء لدينه وعِرضه، أي: طلب البراءة لهما، فيبرأ دينه عند الله، ويبرأ عرضه عند الناس.
والثاني: أن مَنْ وقع في الشبهات جرّته إلى المحرمات؛ فالشبهات قنطرة المحرمات، أي: الجسر الموصل إليها. ص30

س5: في قوله :(وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً..) الحديث، بيان أمرٍ عظيم، ما هو؟

ج5: فيه بيان عظيم أثر القلب صلاحًا وفسادًا؛ فإن مَنْ صلح قلبه صلحت جوارحه، ومَنْ فسد قلبه فسدت جوارحه.
ومن الجواهر التيميّة قوله رحمه الله: القلب ملك البدن، والأعضاء جنوده، فإذا طاب الملك طابت جنوده، وإذ خبُث الملك خبُثت جنوده. ص31

الحديث السابع

س1: لمن تكون النصيحة، وكيف تكون؟

ج1: النصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم، وهي: القيام بحقوقهم. ص32

س2: ما هي حقيقة النصيحة شرعًا؟

ج2: حقيقة النصيحة شرعًا: قيام العبد بما لغيره من الحق. ص33

س3: النصيحة باعتبار منفعتها نوعان، ما هما؟

ج3: أحدهما: ما منفعتها مقصودة في الأصل للناصح، وهي النصيحة لله ولكتابه ولرسوله ﷺ.
والثاني: ما منفعتها مقصودة في الأصل للناصح والمنصوح، وهي النصيحة لأئمة المسلمين وعامتهم، فالمنتفع من بذل النصيحة في الأول هو الناصح، والمنتفع من بذل النصيحة في الثاني هو الناصح والمنصوح معًا. ص32/33

الحديث الثامن

س1: في حديث: (أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ؛ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إلَّا بِحَقِّ الْإِسْلَامِ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى) ذكر النبي جملةً من شرائع الإسلام ترجع إلى نوعين ما هما؟

ج1: النوع الأول: ما يثبت به الإسلام وهو الشهادتان؛ فمَنْ جاء بهما ثبت له عقد الإسلام، وصار مسلمًا معصوم الدم والمال.
والنوع الثاني: ما يبقى به الإسلام، وأعظمه إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، ولهذا ذُكرا في الحديث. ص34

س2: الحديث (أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ...) ، هل معنى الحديث أن الكافر يُقاتَل حتى يأتي بالشهادتين ويقيم الصلاة ويؤتي الزكاة، فلا تثبت له العصمة إلا باجتماعها؟

ج2: لا، لأن دلائل الوحي متكاثرة في الكف عن مَنْ قال: (لا إله إلا الله) فإنه إذا قالها ثبتت له العصمة في الحال، ولا تبقى له تلك العصمة مستمرة إلا إذا أتى بما تقتضيه الشهادتان، فإذا التزم مقتضى الشهادتين ثبتت له عصمة المآل. ص34/35

س3: قوله : (فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ)، ما معنى ذلك؟ والعصمة نوعان ما هما؟

ج3: أي: صارت دماؤهم وأموالهم محفوظة، حرامًا غير حلال لما عُلم من ظاهرهم دون اعتداد بباطنهم.
أنواع العصمة: الأول: عِصمة الحال، ويُكتفى فيها بالشهادتين، فمَنْ شهد بهما ثبتت له العصمة في دمه وماله حالًا.
والثاني: عصمة المآل، يعني العاقبة، ولا يُكتفى فيها بالشهادتين، بل لا بد من الإتيان بحقوقهما، وعندئذٍ يُحكَم ببقاء إسلامه وتستمر له العصمة التي ثبتت ابتداءً. ص35

س4: في قوله : (إلَّا بِحَقِّ الْإِسْلَامِ)، ما معنى ذلك؟ واذكر أنواع حق الإسلام.

ج4: أي: لا تنتفي عنه تلك العصمة إلا بحق الإسلام وهو نوعان:
أحدهما: ترْك ما يبيح دم المسلم وماله من الفرائض.
والآخر: انتهاك ما يبيح دم المسلم وماله من المحرمات.
فإذا وُجد أحدهما أبيح المحرم من ماله ودمه بحق الإسلام. ص35

الحديث التاسع

س1: قوله : (مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَاجْتَنِبُوهُ، وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ)، ما هو الواجب علينا في الأمر والنهي؟

ج1: الواجب في النهي: الاجتناب.
والواجب في الأمر: فعْل ما استُطيع منه. ص36

س2: عرف الاجتناب.

ج2: الاجتناب: الترْك مع مباعدة السبب الموصل إليه. ص36

س3: النهي عن شيء في الشرع يشمل أمرين، ما هما؟

ج3: أحدهما: النهي عن الشيء نفسه.
والآخر: النهي عن الأسباب الموصلة إليه. ص37

س4: قوله : (فَإِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَثْرَةُ مَسَائِلِهِمْ) من المراد بهم؟

ج4: اليهود والنصارى، هلكوا بكثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم. ص37

س5: ما صلة هذه الجملة (فَإِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَثْرَةُ مَسَائِلِهِمْ) بالجملتين الأوليين؟ لماذا ذكرها النبي مع ذِكْر ما يجب عليه في الأمر والنهي؟

ج5: المراد من ذِكْر حالهم: حث الناس على الاستسلام للشرع في الأمر والنهي. ص37
الحديث العاشر

س1: ما معنى قوله : (إنَّ اللَّهَ تعالى طَيِّبٌ)؟

ج1: معناه: أنه قدوس مُنزَّه عمَّا لا يليق به من النقائص والعيوب. ص38

س2: ما معنى قوله : (إلَّا طَيِّبًا)؟

ج2: أي: إلا فِعْلًا طيبًا، والمراد بالفعل الإيجاد، فيندرج فيه الاعتقاد، والقول، والعمل. ص39

س3: الطيب من (الاعتقاد، والقول، والعمل) ما اجتمع فيه أمران، ما هما؟

ج3: أحدهما: الإخلاص لله عز وجل.
والثاني: المتابعة للرسول . ص39

س4: لماذا قال : (إِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ)؟

ج4: لتعظيم للمأمور به؛ فكما أُمر به المؤمنون أُمر به ساداتهم المرسلون عليهم الصلاة والسلام، وفي ذِكْر ذلك إغراء أي: حث شديد بلزومه وامتثاله. ص39

س5: المأمور به في الآيتين ﴿يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا﴾ المؤمنون:51، وَقَالَ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ﴾ البقرة:172، شيئان ما هما؟

ج5: أحدهما: أكل الطيبات.
والآخر: عمل الصالحات. ص39

س6: قوله : (ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ...) إلى آخره، اشتملت هذه الجملة على ذِكر أربعة أمور من مقتضيات الإجابة، وأربعة أمور من مقتضيات منعها، اذكرها.

ج6: أما مقتضيات الإجابة: فإطالة السفر، ومد اليدين إلى السماء، والتوسل إلى الله باسم الرب، والإلحاح عليه في الدعاء بتكرار ذِكْر الربوبية.
وأما موانع الإجابة: فالمطعم الحرام، والمشرب الحرام، والملبس الحرام، والغذاء الحرام. ص39/40

س7: لماذا ذٌكِرَت إطالة السفر في الحديث مع أن أصله كافٍ؟

ج7: تأكيدًا لاستحقاق الإجابة، فهو في سفر طويل مغيّر حاله حتى وُصف بالشعَث والاغبرار، أي: تفرّقِ شعرِه وعلوِّ الغبار بدنَه. ص39

س8: ما الفرق بين الغذاء والمطعم والشراب؟

ج8: الغذاء اسم جامع لكل ما به نماء البدن وقوامه، ولا يختص ذلك بالمطعم والمشرب، وهما من أفراده، فذِكْره معهما من ذِكْر العام مع الخاص، فالنوم والدواء غذاء للبدن. ص40

س9: قوله : (فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لذلك)، ما معناه؟ ولماذا عبَّرَ النبي بهذه العبارة؟

ج9: أي: كيف يُستجاب له، وغايته: استبعاد حصول مقصوده، فمَنْ كانت هذه حاله بعدت إجابة دعائه، وربما عرض من الحكمة الإلهية ما يجاب به دعاؤه، ولذلك لم يقل النبي ﷺ : فلا يُستجاب دعاؤه، وإنما قال: (فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لذلك) أي: تبعد استجابة دعائه مع احتمال وقوعها، فالله يستجيب دعاء الكافرين وهم أشد حالًا من عصاة المؤمنين. ص40

الحديث الحادي عشر

س1: في قوله ﷺ: (دَعْ مَا يَرِيبُك إلَى مَا لَا يَرِيبُك)، تقسيم الواردات القلبية إلى قسمين، ما هما؟

ج1: الأول: الوارد الذي يريبك، وهو ما ولّد الريب في النفس.
والثاني: الوارد الذي لا يريبك، وهو ما لا يتولد منه الريْب في النفس. ص41

س2: عرِّف الريب، ومن عرَّفه بهذا التعريف؟ وأين يكون وروده؟

ج2: الريب: قلق النفس واضطرابها. ذكره ابن تيمية الحفيد، وتلميذه أبو عبد الله ابن القيم، وحفيده بالتلمذة أبو الفرج ابن رجب رحمهم الله.
وورود الريب يكون في الأمور المشتبهة، أما الأمور البيِّنة من حلال أو حرام فلا يرد فيها الريب عند مَنْ صح دينه وقوي يقينه من المسلمين. ص41/42

الحديث الثاني عشر

س1: الإسلام اسم لجميع شرائع الدين كلها، الباطنة والظاهرة، وله مرتبتان، اذكرهما.

ج1: الأولى: مُطلَق الإسلام؛ وهو القدر الذي يثبت به الإسلام؛ فمتى التزمه العبد صار مسلماً داخلاً في جملة أهل القبلة.
وحقيقته: التزام شهادة (أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله).
والثانية: حُسْن الإسلام، وحقيقتها: امتثال شرائع الإسلام ظاهرًا وباطنًا باستحضار مشاهدة الله أو مراقبته عبده. ص43/44

س2: قوله ﷺ:(مِنْ حُسْنِ إسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ)، ما معنى يعنيه؟ وما الذي لا يعني العبد؟

ج2: معنى يعنيه: أي: تتعلق به عنايته وتتوجه إليه همته فيكون مقصوده ومطلوبه.
والذي لا يعني العبد: هو ما لا يحتاج إليه في مصالح دينه ودنياه، وأفراده لا تنحصر، لكنها ترجع إلى أربعة أصول:
أولها: المحرمات.
وثانيها: المكروهات.
وثالثها: المشتبهات لمَنْ لا يتبيّنها.
ورابعها: فضول المباحات، والمراد بها: ما زاد عن حاجة العبد من المباح.
ص44

الحديث الثالث عشر

س1: ما معنى قوله : (لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ)؟ وما هي مراتب نفي الإيمان؟ والمذكور في الحديث يرجع إلى أيّ مرتبة؟

ج1: معنى قوله: (لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ) أي: لا يكمل إيمانه.
فإن نفي الإيمان له مرتبتان:
الأولى: نفي أصله، وبه يخرج العبد من الإيمان.
والثانية: نفي كماله، وبه لا يخرج العبد من الإيمان.
والمراد منهما في الحديث يرجع إلى المرتبة الثانية. ص45

س2: ما هو حكم محبة المؤمن لأخيه ما يحبه لنفسه؟ ولماذا؟

ج2: حكمها: الفرض والإيجاب؛ لأن كل بناء جاء في الحديث النبوي متضمنًا نفي الإيمان عن العبد فإن المذكور بعده يكون واجبًا. صرح به ابن تيمية الحفيد في كتاب الإيمان، وأبو الفرج بن رجب في فتح الباري. ص45

س3: حب المسلم لأخيه الخير يستلزم أن يكره لأخيه ما يكرهه لنفسه من الشر، فلماذا لم يُذكر في الحديث؟

ج3: تُرِك ذِكْر ذلك في الحديث اكتفاءً بأن حب الشيء يستلزم كراهية ضده. ص46

س4: عرف الخير. واذكر أنواعه.

ج4: الخير: اسم لكل ما يُرَغَّب فيه شرعًا، وهو نوعان:
أحدهما: الخير المطلق، وهو المُرغَّب فيه شرعًا من كل وجه؛ ومحله الأمور الدينية، والخيرية فيه ترجع إلى أصله، ومنه طاعة الله وطاعة رسوله ﷺ.
والآخر: الخير المُقيّد، وهو المرغَّب فيه شرعًا من وجه دون وجه، ومحله: الأمور الدنيوية.
والخيرية فيه ترجع إلى قصده لا إلى أصله، كالمال والولد. ص46

الحديث الرابع عشر

س1: أصول ما يحلّ دم المسلم ثلاثة، اذكرها

ج1: الأول: انتهاك الفرج الحرام، والمذكور منه في حديث الباب: الزنا بعد الإحصان.
والثاني: سفك الدم الحرام، والمذكور منه الحديث: قتل النفس، والمراد بها: المكافئة، أي: المساوية شرعًا.
والثالث: تَرْك الدين ومفارقة الجماعة، وذلك بالردة عن الإسلام. ص48/49

س2: ابن رجب رحمه الله لفرط علمه استفاد من حديث ابن مسعود بناء ثلاثة أصول كلية ترجع إليها جميع الأحاديث التي تتعلق باستباحة الدم، ويكون المذكور في حديث ابن مسعود كالمثال لها، اذكر أمثلة لذلك.

ج2: مثلًا: مَنْ يرى من الفقهاء القتل في حد اللواط، يرجع إلى الأول، وهو انتهاك الفرج الحرام.
مَنْ يرى من الفقهاء قتل المبتدع الذي عظُم شره في الإسلام، يرجع إلى الثالث، وهو مفارقة الجماعة. ص49

الحديث الخامس عشر

س1: ما هو حدُّ الإكرام والجوار؟

ج1: ليس للإكرام حد يوقف عنده تبرأ به الذمة، فكل ما يدخل في الإكرام عُرفًا فهو مأمور به شرعًا.
وَحَدُّ الجوار من الدار لم يصح فيه حديث، فيرجع تقديره إلى العُرف. ص51

س2: من هو الضيف؟ وما هما الوصفان اللذان يجب أن يجتمعا في الضيف حتى يُسمّى ضيفاً؟

ج2: الضيف: هو كل مَنْ قصدك من غير بلدك، فيجتمع فيه وصفان:
أحدهما: أنه يكون من خارج البلد؛ فإن كان من داخله سُمي زائرًا.
والثاني: أنه يكون متوجهًا إليك نازلًا بك، فقصد دارك دون غيرك من أهل البلد.
فإذا اجتمع هذان الوصفان فهو ضيف يجب حقه ولا يسعك رده. ص51

الحديث السادس عشر

س1: نهيه عن الغضب يشمل أمرين، ما هما؟

ج1: الأول: النهي عن تعاطي الأسباب الموصلة إليه، من كل ما يحمل على الغضب ويهيجه.
والثاني: النهي عن إنفاذ مقتضى الغضب؛ فلا يمتثل ما أمره به غضبه، بل يراجع نفسه حتى تسكن. ص52

س2: ما هو الذي يُنهى عنه من الغضب؟ وما هو الغضب المأمور به؟ وما هو شرطه؟

ج2: الذي يُنهى عنه من الغضب ما كان انتقامًا للنفس، أما إذا غضب لانتهاك حرمات الله فإن غضبه مأمور به، وهو من دلائل إيمانه، لكن شرطه أن يجعله وفق ما أذنت به الشريعة، فلا يجوز له أن يغضب لله بما يسخط الله؛ فالغضب لحرمات الله عبادة. ص53

الحديث السابع عشر

س1: قوله ﷺ: (كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ)، هل المقصود كتبه شرعًا أو قدرًا؟

ج1: الكتابة تحتمل أمرين:
أحدهما: أن تكون الكتابة قدرية، فيكون المعنى: أن الأشياء جارية على الإحسان بتقدير الله الذي صيّرها عليه، فالمكتوب هنا: هو الإحسان، والمكتوب عليه: هو كل شيء.
والآخر: أن تكون الكتابة شرعية، فيكون المعنى: إن الله كتب على عباده الإحسان إلى كل شيء، فالمكتوب هنا: هو الإحسان أيضاً، لكن المكتوب عليه وهم العباد غير مذكور، وإنما المذكور: المُحسَن إليه.
والحديث صالح للكتابتين القدرية والشرعية جميعًا على المعنى المتقدم في كلٍ. ص54/55

الحديث الثامن عشر

س1: الحديث (اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْت، وَأَتْبِعْ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقْ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ). فإن العبد عليه حقان ما هما؟

ج1: أحدهما: حق الله، والمذكور منه هنا التقوى وإتْباع السيئة الحسنة.
والآخر: حق العباد، والمذكور منه هنا معاملة الخَلق بالخُلُق الحَسَن. ص57

س2: عرِّف التقوى شرعًا.

ج2: المراد بالتقوى شرعًا: اتخاذ العبد وقايةً بينه وبين ما يخشاه بامتثال خطاب الشرع. ص57

س3: ما معنى إتْبَاع السيئة الحسنة؟ وكم مرتبة له؟

ج3: إتْباع السيئة الحسنة: هو فعْلها بعدها. وله مرتبتان:
الأولى: الإتْباع بقصد إذهاب السيئة؛ فالحسنة مفعولةٌ بقصد الإذهاب.
والثانية: الإتباع من غير قصد الإذهاب، فالحسنة مفعولةٌ لله مع عدم قصد محو السيئة. ص57

س4: الخُلق في الشرع له معنيان، ما هما؟ وما هو حقيقته؟

ج4: أحدهما: عام، وهو الدين. ومنه قوله تعالى: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ القلم:4، أي: دين عظيم، قاله مجاهد وغيره.
والآخر: خاص، وهو المعاملة مع الناس، وهذا هو المقصود في الحديث، وجاء وصفه بالحُسْن في أحاديث كثيرة.
وحقيقته: الإحسان إلى الخَلق في القول والفعل. ص57

الحديث التاسع عشر

س1: ما المراد بحفظ الله في قوله: (احْفَظْ اللَّهَ)؟

ج1: المراد: حفظ أمره. ص59

س2: أمرُ الله نوعان، ما هما؟

ج2: أحدهما: قدري، وحفظه: بالصبر عليه.
والآخر: شرعي، وحفظه بتصديق الخبر وامتثال الطلب واعتقاد حِلِّ الحلال. ص59

س3: جزاء مَنْ حفظ أمر الله نوعان، ما هما؟

ج3: أحدهما: تحصيل حفظ الله له، وهذه وقاية.
والآخر: تحصيل نصر الله وتأييده، وهذه رعاية.
فالوقاية: في دفع المضرات، والرعاية: في حصول المسرات. ص59

س4: ما معنى قوله: (رُفِعَتْ الْأَقْلَامُ، وَجَفَّتْ الصُّحُفُ)؟

ج4: أي: ثبتت المقادير وفُرِغ من كتابتها. ص59

س5: قوله: (تَعَرَّفْ إلَى اللَّهِ فِي الرَّخَاءِ يَعْرِفك فِي الشِّدَّةِ) مشتملٌ على أمرين، ما هما؟

ج5: مشتمل على عمل وجزاء؛ أما العمل: فمعرفة العبد ربه.
وأما الجزاء: فمعرفة الرب عبده.
فالمبتدئ للعمل: العبد، والمتفضل بالجزاء: هو الله. ص59

س6: معرفة العبد ربه نوعان، ما هما؟

ج6: أحدهما: معرفة الإقرار بربوبيته، وهذه المعرفة يشترك فيها المؤمن والكافر والبَر والفاجر.
والثاني: معرفة الإقرار بألوهيته، وهذه المعرفة تختص بأهل الإسلام، وليس الأبرار منهم فيها كالفجار؛ فمعرفة الأبرار أكمل. ص60

س7: معرفة الله عبده نوعان، ما هما؟

ج7: أحدهما: معرفة عامة، تقتضي شمول علم الله عبده، واطّلاعه عليه.
والآخر: معرفة خاصة، تقتضي معرفة الله عبده بالنصر والتأييد. ص60

الحديث العشرون

س1: ما معنى (إنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الْأُولَى)؟

ج1: أي: مما أُثر عن الأنبياء السابقين وصار محفوظًا عنهم يتناقله الناس جيلًا بعد جيل. ص61

س2: قوله: (إذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْت) له معنيان، ما هما؟

ج2: أحدهما: أنه أمر على ظاهره، فإذا كان ما تريد فِعْله مما لا يُستحيى منه لا من الله ولا من الناس فاصنع ما شئت فلا تثريب عليك.
والثاني: أنه ليس من باب الأمر الذي تُقصَد حقيقته، والقائلون بهذا القول يحملونه على أحد معنيين:
أحدهما: أنه أمر بمعنى التهديد والوعيد، أي: إذا لم يكن لك حياء يمنعك فاصنع ما شئت فستجد ما تكره.
والآخر: أنه أمر بمعنى الخبر، أي: إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت فإن مَنْ كان له حياءٌ منعه من القبائح، ومَنْ لم يكن له حياء لم يمنعه منها، فهو خبر عن الناس وما يصنعونه بحسب الحياء. ص61/62

س3: عرِّف الحياء؟

ج3: هو تغير وانكسار يعتري العبد من خوفِ ما يُعاب به. ص62

س4: الحياء خلق محمود إلا في حالين، ما هما؟ واذكر طرق تحصيل الحياء.

ج4: أولاهما: أن يمنع من المأمور.
والأخرى: أن يوقع في المحظور.
ولتحصيله طريقان:
أحدهما: وهْبيٌّ، وهو ما يجبل الله عليه العبد ويغرسه في نفسه.
والآخر: كَسْبيٌّ بما يدركه العبد من معرفة الله وعظمته، واطلاعه عليه، وشهود نعمائه الواصلة إليه. ص62

الحديث الحادي والعشرون

س1: ماهي حقيقة الاستقامة؟ ومن هو المستقيم؟

ج1: حقيقة الاستقامة: طلب إقامة النفس على الصراط المستقيم الذي هو الإسلام.
المستقيم: هو المقيم على شرائع الإسلام المتمسك بها باطنًا وظاهرًا. ص63

الحديث الثاني والعشرون

س1: ما معنى قوله : (وَأَحْلَلْت الْحَلَالَ)؟ ولماذا في القيد الذي ذكره المصنف نظر؟

ج1: قوله: (وَأَحْلَلْت الْحَلَالَ): أي: اعتقدت حِلَّه، وقيد الفِعل الذي ذكره المصنف فيه نظر، لتعذر الإحاطة بأفراد الحلال فعلًا، أي: يتعذر على العبد عادة أن يحيط بأفراد الحلال بفعلها، كأن يتناول جميع المأكولات أو جميع المشروبات أو غيرها.
والواجب على العبد هو اعتقاد حِلّها، لا تعاطيها جميعًا. ص64/65

س2: ما معنى قوله: (وَحَرَّمْت الْحَرَامَ)؟ وعبارة المصنف فيها قصور لماذا؟ وكيف يمكن الاعتذار عن المصنف؟

ج2: قوله: (وَحَرَّمْت الْحَرَامَ): أي: اعتقدت حرمته مع اجتنابه.
وفي عبارة المصنف قصور؛ لأنه خصَّه بالاجتناب دون ذِكْر اعتقاد الحُرمة.
ويمكن الاعتذار له بأن اعتقاد الحرمة عنده مندرج في الاجتناب، لكن الأولى الإفصاح به. ص65

س3: وقع في الحديث (أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ: أَرَأَيْت إذَا صَلَّيْت الصلوات الْمَكْتُوبَاتِ، وَصُمْت رَمَضَانَ، وَأَحْلَلْت الْحَلَالَ، وَحَرَّمْت الْحَرَامَ، وَلَمْ أَزِدْ عَلَى ذَلِكَ شَيْئًا؛ أَأَدْخُلُ الْجَنَّةَ؟ قَالَ ﷺ: نَعَمْ). إهمال ذِكْر الزكاة والحج، وهما من أجَلِّ شرائع الإسلام الظاهرة، لماذا؟ وما علاقة الأعمال بدخول الجنة؟

ج3: باعتبار حال السائل؛ إذ لم يكن من أهلهما فسقطتا في حقه، فعلم النبي ﷺ من حاله أنه لا مال له فيزكيه، ولا قدرة له على الحج.
وفيه بيان أن هذه الأعمال من موجبات الجنة، إما بالدخول إليها ابتداءً أو بالمصير إليها انتهاءً، بحسب اجتماع الشروط وانتفاء الموانع. ص65

الحديث الثالث والعشرون

س1: ما هي الطهارة المقصودة في الحديث (الطُّهُورُ شَطْرُ الْإِيمَانِ)؟ وما وجه كون الطهارة من الإيمان بمنزلة الشطر؟

ج1: الطهارة المقصودة في الحديث: هي الطهارة الحسية المعروفة عند الفقهاء؛ لأنها هي المعهود في خطاب الشرع عند الإطلاق.
ووقوع الطُّهور من الإيمان بمنزلة الشطر بالنظر إلى مقابلة شرائع الدين، فتقدير الحديث: فعْل الطهارة نصف شرائع الدين.
واتفق وقوعه شطرًا لها لأن طهارة العبد لها موردان:
أحدهما: طهارة ظاهره من بدنه، وتكون بالطهارة الحسية المعروفة عند الفقهاء.
والآخر: طهارة باطنه، وتكون بامتثال بقية شرائع الدين.
ففعْل الطهارة يطهر الظاهر، وبقية شرائع الدين تطهر الباطن. ص66/67

س2: الحديث: (وَسُبْحَانَ الله وَالحَمْدُ لله تَمْلَآنِ أَوْ: تَمْلَأُ مَا بَيْنَ السَّمَاء وَالْأَرْضِ) هكذا وقع الحديث على الشك عند مسلم، فله تركيبان، اذكرهما.

ج2: أحدهما: أن يكون المراد أن الكلمتين مقرونتان (تملآن ما بين السماء والأرض).
والآخر: أن تكون كل واحدة منهما تملأ ما بين السماء والأرض. ص67

س3: وقع في رواية النسائي وابن ماجه في هٰذا الحديث: (والتسبيح والتكبير يملآن ما بين السماء والأرض)، وهٰذا اللفظ عندهما أصح من جهتين، اذكرهما؟

ج3: إحداهما: من جهة الرواية فإنه أصح، فهو أوثق رجالًا وأثبت اتصالًا من رواية مسلم.
وتقديم مسلم على السنن هو في الجملة، ولا يقتضي أن يكون كل حديث فيه أصح من نظيره عندهم، فالتقديم كلي لا تفصيلي.
والأخرى: من جهة الدراية؛ فإنه يبعد أن تكون (الحمد لله) وحدها تملأ الميزان كما في لفظ الحديث، فإذا ضُمت إلى التسبيح نقص قدرها، فصارت ملء ما بين السماء والأرض؛ لأن ملء الميزان أعظم مما بين السماء والأرض. ص67

س4: قوله: (الصَّلَاةُ نُورٌ، وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ، وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ) تمثيل لهٰذه الأعمال بمقادير ما لها من الإنارة؛ فهن في ثلاث مراتب، اذكر هذه المراتب.

ج4: أولاها: النور المطلق وهو وصف الصلاة؛ لقوله ﷺ: (الصَّلَاةُ نُورٌ).
وثانيتها: البرهان، وهو وصف الصدقة لقوله ﷺ: (وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ).
والبرهان: هو الشعاع الذي يلي وجه الشمس محيطًا بقرصها، أي: الهالة التي تحف بالشمس من الشعاع.
وثالثتها: الضياء، وهي في قوله ﷺ: (وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ)، وهو النور الذي يكون معه إشراق دون إحراق. ص68

س5: وقع في الجملة الثالثة من الحديث السابق في بعض نسخ مسلم: (والصيام ضياء)، فما الجمع بين الروايتين؟

ج5: هو مفسر للصبر؛ لأنه فرد من أفراده، واشتهرت نسبة الصيام إلى الصبر لما فيه من الإمساك، والمشقة بفطم النفس عن مألوفاتها. ص68

س6: الأعمال الثلاثة السابقة مشبَّهة بمقاديرها من الأنوار، وهٰذا التشبيه له متعلقان، ما هما؟

ج6: أحدهما: منفعتها للأرواح في الحال.
والآخر: أجورها عند الله في المآل.
فمنفعتها للروح في الحال بمنزلة انتفاع الخلق بالنور والبرهان والضياء، فانتفاعهم بالنور أكبر من انتفاعهم بالبرهان، وانتفاعهم بالبرهان أكبر من انتفاعهم بالضياء؛ فتكون الصلاة أنفع للروح من الصدقة، وتكون الصدقة أنفع للروح من الصبر.
وأما منفعتها في الأجر عند المآل فيكون باعتبار ما يحوزه العبد منها من الأجر على هٰذه الأعمال. ص68/69

س7: ما معنى قوله: (كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو، فَبَائِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا)؟

ج7: معناه: أن كل أحد من الناس يسعى في أول النهار، فالغدو: اسم للسير أول النهار، فمنهم ساعٍ في فكاك نفسه وعتقها، ومنهم ساعٍ في إيباقها أي: إهلاكها.
فمَنْ سعى في طاعة الله أعتق نفسه من العذاب، ومَنْ سعى في معصية الله أوبقها بما يستحق من العقاب. ص69
الحديث الرابع والعشرون

س1: قوله: (يَا عِبَادِي: إنِّي حَرَّمْت الظُّلْمَ...) إلى آخره، فيه بيان تحريم الظلم من وجهين، ما هما؟ وأكد تحريمه علينا بطريقين اذكرهما.

ج1: بيان تحريم الظلم من وجهين:
أحدهما: كون الله حرمه على نفسه، فإذا كان مُحرَّمًا عليه مع كمال قدرته، وتمام مُلكه فحرمته على العبد أولى؛ لظهور عجزه ونقص مُلكه.
والآخر: أن الله جعله بيننا مُحرَّمًا، ونهانا عنه في هٰذا الحديث الإلهي فقال: (فلَا تَظَالَمُوا)، والنهي للتحريم.
فأُكِّد تحريمه علينا بطريقين:
الأول: التصريح بحرمته في قوله: (وَجَعَلْته بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا).
والثاني: النهي عنه المفيد حُرمته في قوله: (فلَا تَظَالَمُوا). ص71

س2: ما هو تعريف الظلم؟ ومن حقق هذا التعريف؟

ج2: الظلم: هو وضع الشيء في غير موضعه؛ هٰذا أحسن ما قيل فيه. حققه ابن تيمية الحفيد في رسالة مفردة في شرح هٰذا الحديث. ص71

س3: قوله: (يَا عِبَادِي: إنِّي حَرَّمْت الظُّلْمَ...) أُتبعت هذه الجملة بتسع جمل، وهي منقسمة إلى ثلاث أقسام، اذكرها.

ج3: القسم الأول: في تحقيق فقر المخلوق وبيان ما يغنيه؛ وهو في أربع جُمَل، في قوله تعالى: (يَا عِبَادِي! كُلُّكُمْ ضَالٌّ إلَّا مَنْ هَدَيْته، فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ. يَا عِبَادِي! كُلُّكُمْ جَائِعٌ إلَّا مَنْ أَطْعَمْته، فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ، يَا عِبَادِي! كُلُّكُمْ عَارٍ إلَّا مَنْ كَسَوْته، فَاسْتَكْسُونِي أَكْسكُمْ. يَا عِبَادِي! إنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا؛ فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ).
فالضلال يُدفَع باستهداء الله، والجوع يُدفَع باستطعامه، والعُريُّ يُدفَع باستكسائه، والخطأ يُدفَع باستغفاره.
والقسم الثاني: في بيان غنى الله، وهو في أربع جُمَل أيضًا، في قوله: (يَا عِبَادِي! إنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضُرِّي فَتَضُرُّونِي، وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفْعِي فَتَنْفَعُونِي، يَا عِبَادِي! لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ، مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئًا. يَا عِبَادِي! لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا. يَا عِبَادِي! لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، فَسَأَلُونِي، فَأَعْطَيْت كُلَّ إنسان مَسْأَلَته، مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إلَّا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ).
والقسم الثالث: في بيان الحُكم العدل في يوم الفصل بين المفتقرين إلى الله والمستغنين عنه، وهو في قوله: (يَا عِبَادِي! إنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ، ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إيَّاهَا؛ فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدْ الله، وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَلُومَن إلَّا نَفْسَهُ). ص71/72

س4: قوله: (يَا عِبَادِي! إنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ، ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إيَّاهَا؛ فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدْ الله، وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَلُومَن إلَّا نَفْسَهُ)؛ هٰذه الجملة تحتمل معنيين صحيحين، اذكرهما؟

ج4: الأول: أنها أمر على حقيقته؛ فمَنْ وجد خيرًا فليحمد الله على ما عجَّل له من جزاء عمله الصالح، ومَنْ وجد غير ذلك فهو مأمور بلوم نفسه على الذنوب التي وجد عاقبتها في الدنيا، فتكون الجملة على إرادة الأمر مبنى ومعنى.
والثاني: أنها أمر يُراد به الخبر، وأن مَنْ وجد في الآخرة خيرًا فسيحمد الله، ومَنْ وجد غير ذلك فإنه يلوم نفسه ولات مندم.
فتكون الجملة في صورة الأمر مرادًا بها الخبر، فهي خبر عما ستؤول إليه حال الناس في الآخرة. ص73

الحديث الخامس والعشرون

س1: ما معنى الدثور في قوله: أَهْلُ الدُّثُورِ؟ وما حقيقة الصدقة شرعًا؟

ج1: (الدُّثُورِ): أي: أهل الأموال.
حقيقة الصدقة شرعًا: هي اسم جامع لأنواع المعروف والإحسان، وحقيقتها: إيصال ما ينفع. ص74/75

س2: صدقة العبد نوعان، ما هما؟

ج2: أحدهما: صدقة مالية.
والآخر: صدقة غير مالية، كالتسبيح والتهليل، والتحميد، والتكبير، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر. ص75

س3: ما معنى قوله: (وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ)؟

ج3: البُضع بضم الباء: كلمة يُكنى بها عن الفرج، وتُطلَق على إرادة الجماع أيضًا.
وكلاهما تصح إرادته في هٰذا الحديث. ص75

س4: الرجل الذي يأتي أهله هل يُؤجر ولو لم تكن له نية صالحة؟

ج4: قوله: (أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ…) إلى آخره، ظاهره أنه يُؤجر على إتيان أهله ولو لم تكن له نية صالحة، وهٰذا الظاهر يُرَدُّ إلى الأصل المقرر في الشرع، أنه لا أجر على مباح إلا بنية صالحة.
فمَنْ أتى أهله ناويًا إعفاف نفسه وأهله وابتغاء ولد صالح وتكثيرًا لسواد المسلمين، ونحوها من النيّات حصل له الأجر على ذلك. ص75

س5: ما الفرق بين: (يُجزئ) بالضم وآخره همز، وبين (يَجزِي) بالفتح وآخره ياء؟

ج5: الأول من الإجزاء، والثاني من الكفاية. ص75

الحديث السادس والعشرون

س1: قوله : (كُلُّ سُلَامَى مِنْ النَّاسِ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ)، ما معنى سلامى؟ وهل الصدقة تجب عليه؟

ج1: السلامى: المفصل
وقوله: (عَلَيْهِ صَدَقَةٌ) أي: تجب على العبد فيه صدقة لأن (على) موضوعة في خطاب الشرع للدلالة على الإيجاب. ص76

س2: الشكر المأمور به في اليوم والليلة له درجتان، ما هما؟

ج2: الأولى: درجة واجبة، جماعها: الإتيان بالفرائض، والاجتناب للمحارم، وهٰذا شكر واجب على العبد كل يوم وليلة.
والثانية: درجة نافلة، جماعها: التقرب بفعْل بالنوافل وتَرْك المكروهات، وهٰذه زائدة على القدر المفروض على العبد، وامتثاله إياها زيادة في الشكر. ص77

س3: قوله: (ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى)، الفعل المذكور في حصول الإجزاء والكفاية مشروط بأمرين ما هما؟

ج3: أحدهما: فعْل ركعتين، واختيرتا لأن جميع المفاصل تشترك في أدائها.
والآخر: إيقاع الركعتين المذكورتين في وقت الضحى، واختير لأنه وقت غفلة؛ فالناس فيه بين مشتغل بطلب رزقه، أو مكفي الرزق ساهٍ في لهوه، او ميت القلب يغطُّ في نومه. ص77

س4: هل المقصود في قوله:(ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى)، أن الإنسان ما يصلي الصلوات الخمس، ويركع ركعتين في الضحى يقول: أنا أديت شكر اليوم!؟

ج4: لا. ولكن المقصود أنّ مَنْ جاء بالدرجة الواجبة في اليوم والليلة فأدى الفرائض وكفَّ نفسه عن المحرمات، ثم ركع ركعتين فإن تينك الركعتين تكون شكر اليوم والليلة، وما عداها يكون زيادة في شكره لله سبحانه وتعالى. ص77

الحديث السابع والعشرون

س1:ما هي حقيقة البر؟ واذكر معاني البر.

ج1: حقيقة البر: أنه حُسن الخُلق.
والبر يُطلق على معنيين:
أحدهما: عام، وهو الدين كله؛ فإن البر يقع اسمًا لجميع شرائعه.
والآخر: خاص، وهو الإحسان إلى الخَلق في المعاملة.
وفي هٰذه الجملة بيان حقيقة البر بالنظر إلى أصله.
وحقيقة البر باعتبار أثره: وهو ما يُحدثه في النفس والقلب من سكينة وانشراح وطمأنينة. ص79/80

س2: ما هو مقابل البر؟ وما مراتبه؟ وأي مرتبة هي أشد؟

ج2: يقابل البر: الإثم، وله مرتبتان:
الأولى: ما حاك في النفس، وتردد في القلب، وكرهت أن يطّلع عليه الناس لاستنكارهم له.
والثانية: ما حاك في النفس، وتردد في القلب وإن أفتاه غيره أنه ليس بإثم.
والمرتبة الثانية أشدُّ على العبد من الأولى لأنه ربما امتنع في الأولى عن مواقعة الإثم لأجل الناس خشية اطّلاعهم عليه وعيبهم به، أما في المرتبة الثانية ففي الناس مَنْ يُقوِّي نفسه عليه فيجد فيهم مَنْ يؤيده ويُزيِّن بغيته. ص79

س3: ما هو تعريف الإثم باعتبار أثره وباعتبار أصله؟

ج3: باعتبار أثره: ما يقابل البر.
باعتبار أصله: فهو ما بطّأ بصاحبه عن الخير وأخره عن الفلاح. ص43

س4: ما معنى: (استفت قلبك)؟ والأخذ بفتوى القلب لها شرطين ما هما؟

ج4: (استفت قلبك) أمر باستفتاء القلب، أي: بالرجوع إليه في طلب جواب فُتيا.
والأخذ بفتوى القلب مشروط بأمرين:
أحدهما: كونها مسلطة على محل الاشتباه المتعلق بمناط الحُكم.
والآخر: أن يكون المستفتي قلبه متصفا بالعدالة الدينية والاستقامة الشرعية. ص80

س5: قوله: (وَإِنْ أَفْتَاك النَّاسُ وَأَفْتَوْك) ما معناه؟ وهو مشروط بأمرين اذكرهما

ج5: معناه أن ما تردد في قلبك وحاك في نفسك فهو إثم، وإن أفتاك الناس بأنه ليس بإثم.
وهٰذا مشروط بأمرين:
أحدهما: أن يكون مَنْ وقع في قلبه الحيْك والتردد ممَنْ انشرح صدره واستنار قلبه بكمال الإيمان وصلاح الحال.
والآخر: أن يكون عَهِد من مفتيه إجابته بالتشهي، وموافقته للهوى ومرادات الخَلْق. ص81

الحديث الثامن والعشرون

س1: حديث: (وَعَظَنَا رَسُولُ الله ﷺ مَوْعِظَةً وَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ، وَذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ) .... إلى آخره، هذا الحديث مؤلف من أمرين، ما هما؟

ج1: أحدهما: موعظة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون.
والآخر: وصية أرشد إليها رسول الله ﷺ تجمع أربعة أصول:
الأول: تقوى الله، وتقدم أن التقوى: جعْل العبد وقايةً بينه وبين ما يخشاه بامتثال خطاب الشرع.
والثاني: السمع والطاعة لمَنْ ولاه الله أمرنا ولو كان المتأمّر عبدًا مملوكًا يأنف الأحرار حال الاختيار من الانقياد له.
والثالث: لزوم سُنة النبي ﷺ وسُنة الخلفاء الراشدين المهديين، وأكَّد الأمر بلزومها بالعض عليها بالنواجذ، وهي الأضراس.
والرابع: الحذر من محدثات الأمور، وهي البدع. ص84

س2: عرف الموعظة؟ وما الذي دلَّ عليها؟ وما الفرق بين السمع والطاعة؟

ج2: الموعظة: هو البيان المصحوب بالترغيب أو الترهيب أو هما معًا. ودُلَّ عليها بأثرين من آثارها:
أحدهما: وَجَلُ القلوب، وهو: رجفانه وانصداعه لذِكْر مَنْ يُخاف سلطانه وعقوبته، أو رؤيته، قاله ابن القيم في (مدارج السالكين).
والآخر: ذَرْف العيون لقوله: (وذرفت منها العيون)، وهو: جريان الدمع منها.
والفرق بين السمع والطاعة: أن السمع: هو القبول.
والطاعة: هي الامتثال، والانقياد. ص82/83

الحديث التاسع والعشرون

س1: حديث: (مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أنه قَالَ: قُلْت: يَا رَسُولَ الله! أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الجَنَّةَ وَيُبَاعِدْنِي عنْ النَّارِ، قَالَ ﷺ: (لَقَدْ سَأَلْت عَنْ عَظِيمٍ) .... إلى آخره، أبواب الخير الممدوحة نوافلها في الحديث ثلاثة، ما هي؟

ج1: الأول: الصوم المذكور في قوله: (الصَّوْمُ جُنَّةٌ) والجُنة: اسم لما يُتقى ويُستتَر به، كالدرع للصدر، والخوذة للرأس.
والثاني: الصدقة المذكورة في قوله ﷺ: (وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ المَاءُ النَّارَ).
والثالث: صلاة الليل المذكورة في قوله: (وَصَلَاةُ الرَّجُلِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ)، وجوف الليل هو وسطه، وذُكِر الرجل تغليبًا، وإلا فالمرأة داخلة في الأجر المذكور. ص85/86

س2: اشرح قوله ﷺ: (رَأْسُ الْأَمْرِ الْإِسْلَامُ، وَعَمُودُهُ الصَّلَاةُ، وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ في سبيل الله).

ج2: قوله: (رَأْسُ الْأَمْرِ الْإِسْلَامُ)؛ أراد بالأمر: الدين الذي بُعث به النبي ﷺ.
وأراد بالإسلام: إسلام الوجه لله والإقبال عليه إخلاصًا له بالتوحيد، واتباعًا لرسوله ﷺ بالطاعة.
ثم قال: (وَعَمُودُهُ الصَّلَاةُ) أي: هي من الإسلام بمنزلة العمود الذي يقوم عليه الفسطاط، وهو الخيمة الكبيرة.
ثم قال: (وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ) أي: أعلاه؛ فالذروة أعلى الشيء وأرفعه. ص86

س3: ما معنى قوله: (أَلَا أُخْبِرُك بِمَلَاكِ ذَلِكَ كُلِّهِ) ثم فقال: (كُفَّ عَلَيْك هٰذا)؟

ج3: أي: اللسان، والمِلاك (بكسر الميم وتُفتح): هو قوام الشيء، أي: عماده، ونظامه، والأمر الذي يُعتمَد عليه منه، وفيه أن أصل الخير وجماعه هو إمساك اللسان وحفظه. ص87

س4: ما معنى قوله: (ثَكِلَتْك أُمُّك)؟

ج4: أي: فقدتك، وهٰذه كلمة تجري على اللسان، ولا يُراد بها حقيقتها، وليس دعاءً عليه بأن تفقده أمه، وإنما تقال عند إرادة تعظيم شيء. ص87

س5: اشرح قوله ﷺ: وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ في النار عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ قَالَ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ.

ج5: أي: يطرح الناس، فالكب: الطرح
والمعنى: يطرحُ الناسَ على وجوههم أو مناخرهم وهي: أنوفهم، حصائدُ ألسنتهم.
والحصائد: جمع حصيدة، وهي كل شيء قيل في الناس باللسان وقُطِع عليه بهم. ذكره ابن فارس في (مقاييس اللغة).
فالمُخوِّف من عقوبته هنا ليس جنس الكلام؛ بل نوعًا خاصًا منه وهو المشتمل على الجزم بحال أحد والحُكم عليه إذا كان غير موافق للحقيقة الواقعة شرعًا. ص87

الحديث الثلاثون

س1: في حديث: (إنَّ الله فَرَضَ فَرَائِضَ فَلَا تُضَيِّعُوهَا، وَحَدَّ حُدُودًا فَلَا تَعْتَدُوهَا .....) الحديث. قُسِّمت الأحكام أربعة أقسام مع ذِكْر الواجب فيها، اذكرها.

ج1: القسم الأول: الفرائض، والواجب فيها عدم إضاعتها.
والقسم الثاني: الحدود، والمراد بها في الحديث: ما أذِن الله به، فيشمل الفرض والنفل والمباح، فكلها مأذون به، والمأمور به فيها: عدم تعدِّيها، والتعدي: مجاوزة الحد المأذون به.
والقسم الثالث: المحرمات، والواجب فيها: عدم انتهاكها بالكف عن قربانها والانتهاء عن اقترافها.
والقسم الرابع: المسكوت عنه، وهو ما لم يُذْكَر حُكمه خبرًا أو طلبًا، بل هو مما عفا الله عنه، والواجب فيها: عدم البحث عنها.
خبراً: المتعلق بالعقائد.
طلبًا: الحُكم الشرعي الطلبي المتعلق بالأمر والنهي. ص88/89

س2: اشرح قوله: (وَسَكَتَ عَنْ أَشْيَاءَ)؟

ج2: فيه إثبات صفة السكوت لله، والإجماع منعقد على إثباتها، نقله ابن تيمية الحفيد.
ومعنى السكوت الإلهي: عدم إظهار الأحكام، لا الانقطاع عن الكلام؛ فالسكوت يقع على معنيين:
أحدهما: الانقطاع عن الكلام.
والآخر: عدم بيان الأحكام.
والمراد منهما في هٰذا الحديث هو الثاني دون الأول. ص89

الحديث الحادي والثلاثون

س1: ما معنى الزهد في الدنيا شرعًا؟ وماذا يندرج تحته؟

ج1: الزهد في الدنيا شرعًا: الرغبة عمَّا لا ينفع في الآخرة، وهٰذا معنى قول ابن تيمية الحفيد: الزهد ترْك ما لا ينفع في الآخرة، ويندرج في هٰذا الوصف أربعة أشياء:
أولها: المحرمات.
وثانيها: المكروهات.
وثالثها: المشتبهات لمَنْ لا يتبينها.
ورابعها: فضول المباحات، وهي الزائدة عن قدر الحاجة منها. ص91

الحديث الثاني والثلاثون

س1: في قوله ﷺ: (لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ). نفي أمرين، ما هما؟ وهل هو أكمل من قول الفقهاء (الضرر يُزال) ولماذا؟

ج1: أحدهما: الضرر قبل وقوعه؛ فيُدفع بالحيلولة دونه.
والآخر: الضرر بعد وقوعه؛ فيُرفع بإزالته.
فيكون قوله ﷺ: (لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ) أكمل من قول الفقهاء: الضرر يُزال؛ لتعلق كلامهم بنوع واحد، وهو ما ينبغي بعد وقوع الضرر. وأما قول النبي ﷺ فإنه يشمل ما قبل وما بعد. ص94

الحديث الثالث والثلاثون

س1: من هو المُدِّعي واذكر ضابطه. ومن هو المُدَّعى عليه واذكر ضابطه. وما معنى البينة واليمين؟

ج1: المُدِّعي هو: المبتدئ بالدعوى، المطالِب بها.
وضابطه عند الفقهاء: مَنْ إذا سكت تُرِك لأنه صاحب المطالبة والادّعاء.
والمدعى عليه: مَنْ وقعت عليه الدعوى.
وضابطه عند الفقهاء: مَنْ إذا سكت لم يُترَك لأنه المُطالَب بمُضَمَّن الدعوى.
والبينة: اسم لكل ما يظهر به الحق ويبين.
واليمين هي: الحلف والقسم. ص95/96

الحديث الرابع والثلاثون

س1: ما هو المنكر شرعًا؟

ج1: المنكر شرعًا: كل ما أنكره الشرع بالنهي عنه على وجه التحريم. فالمنكرات هي المحرمات. ص97

س2: اذكر مراتب تغيير المنكر، وإلى مَن موكولةٌ كل من هذه المراتب؟

ج2: تغيير المنكر على ثلاث مراتب:
المرتبة الأولى: تغيير المنكر باليد.
والمرتبة الثانية: تغيير المنكر باللسان.
والمرتبة الثالثة: تغيير المنكر بالقلب.
والمرتبة الأولى موكولة إلى ذي السلطان؛ كولي الأمر، أو نائبه، أو الرجل في بيته.
والمرتبة الثانية حظ كل مسلم؛ فلا تختص بذي اللسان لإجماع المسلمين عملًا بجريان الإنكار باللسان على الواقعين في المنكرات في عهد الصحابة والتابعين وأتباع التابعين. ذكره الجويني في (غياث الأمم).
وأما المرتبة الثالثة فهي كسابقتها من جهة عمومها؛ لأنها جُعلت آخرَ المراتب في الحديث، وُوصِف مقامها بقوله ﷺ: (وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ). ص97/98

س3: ما حكم من لم ينكر بقلبه؟ وكيف يكون تغير المنكر بالقلب؟

ج3: مَنْ لم ينكر بقلبه فهو ناقص الإيمان ولا يخرج من مطلق الإيمان.
وتغيير المنكر بالقلب يكون بكراهته والنفرة منه، وبُغْضِه، ولا يلزم اقترانها بِتَمَعُّرِ الوجه أي: تغيّره تكدُّرًا، فتمعر الوجه أثر البُغض، فإذا وُجد البغض دون تمعر الوجه صح الإنكار، فإنه ربما وُجدت الحقيقة الباطنة للبغض ولم يظهر أثر على الوجه. ص98

س4: ما هي الشروط المتعلقة بالمراتب الثلاثة في تغيير المنكر؟

ج4: المرتبتان الأُوليان شُرِط لوجوبهما الاستطاعة، وبدونها تسقطان.
أما المرتبة الثالثة فهي واجبة على كل أحد لا تسقط بحال؛ لثبوت القدرة عليها في حق كل أحد. ص98

س5: هل يُشترط في تغيير المنكر رؤيته بالعين الباصرة؟ وهل يدخل فيه السماع المحقق؟

ج5: وجوب تغيير المنكر شُرِط في هذا الحديث برؤيته بالعين الباصرة لقوله ﷺ: (مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا) فالرؤية هنا بالعين، ولا يُراد الرؤية التي بمعنى العلم. لماذا؟
لأن الفعل لم ينصب إلا مفعولاً واحداً وهو (منكرًا)، وهذه علامة فعل (رأى) البصري؛ لأن العِلْمِيَّ منه ينصب مفعولين.
والسماع المُحقَّق في منزلة المعايَنة، فإذا رأى الإنسان منكرًا أو سمعه بنفسه متحقِّقًا تعلق به الإنكار. ص98

س6: ما حكم تغيير المنكر بحق من لم يرَ ولم يسمع؟

ج6: إن لم يره ولا سمعه بنفسه لم يكن الإنكار عليه واجبًا إلا باعتبار دليل خارجي، ككونه ولي الأمر، أو نائبه في الاحتساب على المنكرات وما في حُكمهما، فهؤلاء وإن لم يروا أو يسمعوا يتعلق وجوب الإنكار بهم. ص99

الحديث الخامس والثلاثون

س1: في قوله ﷺ :(لَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَنَاجَشُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَلَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ ...) الحديث. وردت خمس منهيات اذكرها مع الشرح.

ج1: الأولى: في قوله: (لَا تَحَاسَدُوا) وهو نهي عن الحسد.
وحقيقته: كراهية العبد وصول النعمة إلى غيره، ولو لم يتمنَى زوالها، فمجرد الكراهة تثبت وجود الحسد. حققه ابن تيمية الحفيد.
والثانية: في قوله ﷺ: (وَلَا تَنَاجَشُوا) وهو نهي عن النَّجْش، وهو إثارة الشيء بالمكر والحيلة والخداع، فالحديث نهي عن تحصيل المَطالِب بالمكر والحيلة والخداع.
ومن أفراد النَّجْش: البيع المعروف بهذا الاسم، وهو الزيادة في السلعة لا على إرادة شرائها؛ بل لرفع ثمنها، فينتفع بها بائعها.
والثالثة: في قوله ﷺ: (وَلَا تَبَاغَضُوا) وهو نهي عن التباغض.
ومحله: إذا فُقِد المسوِّغ الشرعي، فإذا وُجد المسوغ الشرعي في أحد من المسلمين أُبغضت منه معصيته لا ذاته، فيجتمع فيه حب وبغض.
فحبه لأصل دينه، وبغضه لسوء فعْله.
والرابعة: في قوله ﷺ: (وَلَا تَدَابَرُوا) وهو نهي عن التدابر، وهو التهاجر والتصارم والتقاطع.
سُمي تدابرًا لأن المتهاجريْن عادةً يولي أحدهما الآخرَ دُبُرَه.
ومحله: إذا كان لأمر دنيوي، فإن كان لأمر ديني جاز بقدر تحصيل مصلحة المقاطعة، فإذا علم أو غلب على ظنه أنه بهجره يصلح، هَجَره، وإن علم أو غلب على ظنه أنه لا يصلح بهجره لم يهجره.
والخامسة: في قوله ﷺ: (وَلَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ): وهو نهي عنه في المعاملات المالية كلها على اختلاف عقودها بألا يغالب العبد أخاه بعد مُضي العقد منه. ص100/101

س2: قوله : (وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إخْوَانًا) يحتمل أمرين، اذكرهما.

ج2: أحدهما: أنه إنشاء لا تُراد به حقيقته، بل يراد به الخبر، أي: إذا تركتم التحاسد والتناجش والتباغض والتدابر ولم يبع بعضكم على بيع بعضٍ كنتم عباد الله إخوانًا.
والآخر: أنه إنشاء تراد به حقيقته وهو الأمر، أي: كونوا عباد الله إخوانًا، فهو أمر بتحصيل كل سبب يحقق الإخوة الدينية ويقويها.
وكلا المعنيين صحيح. ص102

س3: ماهي أعظم حقوق الأخوة التي ذكرها النبي ؟

ج3: الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ، وَلَا يَخْذُلُهُ، وَلَا يَكْذِبُهُ، وَلَا يَحْقِرُهُ. ص102

س4: اشرح قوله : (التَّقْوَى هَاهُنَا، وَيُشِيرُ إلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ)؟

ج4: أي: أصل التقوى في القلوب، ومن ثَمّ أشار النبي ﷺ إلى صدره للإعلام بأن مُستقَر أصلها في قلب العبد الذي محله الصدر.
ومنزلة هذه الجملة من الحديث: ذِكْر ما يندفع به عن النفس تَحْقِيرُ الخلق بإعلامها بأن العبرة بالجوهر لا المظهر. ص102

س5: اشرح قوله : (بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنْ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ)

ج5: أي: يكفيه شرًا، وما أشد هذه الكلمة لمَنْ عقلها، أن يكون العبد وعاءً للشر باحتقاره المسلمين، وهذا فيه شدة الخطر في احتقار المسلمين. ص102

الحديث السادس والثلاثون

س1: في حديث: (مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ...) إلى آخره، ذكر خمس أعمال مع جزائها، ما هي؟

ج1: العمل الأول: تنفيس الكُرَب عن المؤمنين في الدنيا.
وجزاؤه: أن يُنَفِّس الله عن عامله كربة من كُرَب يوم القيامة، وجُعل جزاء هذا العمل مؤجلاً إليها لأنه أكمل في الإثابة.
والعمل الثاني: التيسير على المُعسِر.
وجزاؤه: أن ييسر الله على عامله في الدنيا والآخرة.
والعمل الثالث: الستر على المسلم.
وجزاؤه: أن يستر الله على عامله في الدنيا والآخرة.
والعمل الرابع: سلوك طريق يُلتمس فيه العلم.
وجزاؤه: أن يُسهل الله لعامله طريقًا إلى الجنة، وذلك الطريق هو في الدنيا بالاهتداء إلى أعمال أهلها، وفي الآخرة بالاهتداء إليها بالمرور على الصراط.
والعمل الخامس: الاجتماع في بيت من بيوت الله وهي المساجد على تلاوة كتاب الله وتدارسه.
وجزاؤه: نزول السكينة وغَشَيَانُ الرحمة وحَفُّ الملائكة، وذِكْر الله المجتمعين فيمن عنده. ص104/105/106

س2: الناس في باب الستر قسمان، ما هما؟

ج2: أحدهما: مَنْ لا يُعرَف بالفسق ولا شُهِر به فهذا إذا زلت قدمه بمقارفة الخطيئة وجب سَتره، وحرُم بث خبره.
والآخر: مَنْ كان مُشتهرًا بالمعاصي، منهمكًا فيها، مستهترًا بها، فمثله لا يُستَر عليه، بل يُرفع أمره إلى ذي الأمر لقطع شره وزجره عن غيّه، وإقامة حُكم الله فيه، ويُستباح من عِرضه ما يتحقق به الغرض المذكور، وما زاد فهو مُحرّم لبقاء أصل حُرمة العِرض في حقه. ص105

س3: ما هو الجامع للأعمال المتقدمة في الحديث السابق: (مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ...) إلى آخره؟

ج3: إعانة المسلم أخاه. لقوله ﷺ: (وَاَللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ) والجامع في الجزاء: إعانة الله عبده. ص106

س4: اشرح قوله : (وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ)؟

ج4: هذا إعلام بمقام العمل، وأن مَنْ وقف عن بلوغ المقامات العالية في الآخرة فإنه لا يبلغها بمجرد نسبه، فإن النسب لا يزكي أحدًا ولا يقدسه. ص106

الحديث السابع والثلاثون

س1: ما المراد بالكتابة في قوله : (إنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ)؟

ج1: المراد بالكتابة هنا: الكتابة القدرية دون الشرعية لأن المكتوب شرعًا هو الحسنات دون السيئات فهي التي يُؤمَر بها الخلق. ص108

س2: الكتابة القدرية للحسنات والسيئات تشمل أمرين، ما هما؟

ج2: أحدهما: كتابة عمل الخلق لهما.
والآخر: كتابة ثوابهما إذا عمل.
وكلاهما حق، إلا أن السياق يدل على أن المراد في الحديث هو الثاني لقوله: (ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ) فذكر الثواب. ص108

س3: عرف الحسنة والسيئة.

ج3: الحسنة: اسم لكل ما وُعِد عليه بالثواب الحسن، وهي كل ما أمر الشرع به، فتندرج الفرائض والنوافل في اسم الحسنة.
والسيئة: اسم لكل ما تُوعِّد عليه بالثواب السيئ، وهي كل ما نهى الشرع عنه نهي تحريم، فتختص السيئة بالمحرم دون سائر المنهيات. ص108

س4: العبد بين الحسنة والسيئة لا يخلو عن أربع أحوال، ما هي؟

ج4: الحال الأولى: أن يَهُمّ بالحسنة ولا يعمل بها، فيكتبها الله عنده حسنةً كاملة، والمراد بالهم هنا: هو هم الخَطَرات لا هم الإصرار الذي هو العزم الجازم، فإذا خطر في القلب فِعْل الحسنة كتب الله عز وجل له حسنةً كاملة، وهذا من فضل الله علينا.
والحال الثانية: أن يهمّ بالحسنة ثم يعمل بها فيكتبها الله عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة.
وموجب التضعيف: كمال الإحسان، فمَنْ هو أحسن إسلامًا أكثر تضعيفًا، فالناس متفاوتون في منتهى تضعيف حسناتهم بعد العشر بحسب تفاوتهم في حُسن الإسلام.
والحال الثالثة: أن يهمّ بالسيئة ويعمل بها؛ فتُكتب سيئة واحدة مثلها من غير مضاعفة، وربما عرضت المضاعفة في الكيفية دون الكمية لشرف الفاعل أو شرف الزمان، أو شرف المكان؛ فتكون السيئة واحدة ويُعظَّم قدْرها بحسَب ما اقترن بها، فالنظرة الحرام في البلد الحرام أعظم سوءًا من النظرة الحرام في البلد الذي ليس حرامًا.
والحال الرابعة: أن يهمّ بالسيئة ثم لا يعمل بها، وهذه الحال معترك أنظار ومختلف أفكار بين أهل العلم. ص108/109

س5: إنَّ ترْك العمل بالسيئة يكون لأحد أمرين، ما هما؟

ج5: أولهما: أن يكون التَرْك لسبب دعا إليه.
وثانيهما: أن يكون التَرْك لغير سبب، بل تفتر عزيمته من غير سبب منه. ص109

س6: ترْك السيئة لسبب داعٍ ثلاثة أقسام، اذكره.

ج6: القسم الأول: أن يكون السبب خشية الله فتُكتب له حسنة.
والقسم الثاني: أن يكون السبب مخافة المخلوقين أو مراءاتهم فيُعاقَب على هذا.
والقسم الثالث: أن يكون السبب عدم القدرة على السيئة، مع الاشتغال بتحصيل أسبابها فهذا يُعاقَب كمَنْ عمل وتُكتب عليه سيئة. ص109

س7: تَرْك السيئة لغير سبب قسمان، ما هما؟

ج7: القسم الأول: أن يكون الهمّ بالسيئة هم خطرات، فلم يسكن قلبه إليها ولا انعقد عليها بل نفر منها، فهذا معفو عنه، وتُكتب له حسنة جزاء عدم سكون قلبه إليها، ونفرته منها وهو المذكور في الحديث.
والقسم الثاني: أن يكون الهمُّ بالسيئة همَّ عزم، ويُسمى همَّ الإصرار، وهو الهم المشتمل على الإرادة الجازمة المقترنة بالتمكن من الفعل. ص110

س8: الهمُّ المشتمل على الإرادة الجازمة المقترنة بالتمكن من الفعل نوعان، اذكرهما.

ج8: أحدهما: ما كان من أعمال القلب، كالشك في الوحدانية، أو التكبر والعُجب؛ فهذا يترتب أثره عليه، ويؤاخَذ به العبد، وربما صار به منافقاً أو كافراً.
والثاني: ما كان من أعمال الجوارح، فيُصرُّ عليه القلب هامًّا به همَّ عزم، لكن لا يظهر له أثر في الخارج، فجمهور أهل العلم على المؤاخذة به أيضًا، وهو اختيار المصنف وابن تيمية الحفيد. ص110

الحديث الثامن والثلاثون

س1: من هو ولي الله؟

ج1: ولي الله شرعًا: هو كل مؤمن تقي.
أما اصطلاحًا: فهو كل مؤمن تقي غير نبي. ص111

س2: الحقيقة المتعلقة بالولي نوعان، اذكرهما.

ج2: أحدهما: الحقيقة الشرعية؛ فهو كل مؤمن تقي، فيندرج فيه الأنبياء.
والآخر: الحقيقة الاصطلاحية، فهو كل مؤمن تقي غير نبي، فلا يندرج فيه الأنبياء، والحديث وارد باعتبار الحقيقة الشرعية للولي. ص112

س3: معاداة الولي تؤذن صاحبها بحرب من الله، ومحل ذلك شيئان، اذكرهما.

ج3: الأول: أن يعاديه لأجل دينه.
والآخر: أن يعاديه لأجل الدنيا مع ظلمه والتعدي عليه.
فهذان الأمران هما المتوعد عليهما بمعاداة الله له، أما إذا عاداه لأجل الدنيا مع عدم ظلمه والتعدي عليه فلا يدخل في الحديث. ص112

س4: ما معنى: (فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْت سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ..) الحديث؟

ج4: معناه: أوفّقه فيما يسمع ويبصر ويبطش ويمشي، فلا يقع منه شيء متعلق بها إلا فيما أحبه الله ورضيه. ص112

الحديث التاسع والثلاثون

س1: إنَّ من فضل الله على هذه الأمة وضع المؤاخذة عنها في ثلاثة أمور، ما هي؟ وما معنى الوضع؟

ج1: أحدها: الخطأ، والمراد به هنا: وقوع الشيء على وجهٍ لم يقصده فاعله.
وثانيها: النسيان، وهو ذهول القلب عن المعلوم المتقرر فيه.
وثالثها: الإكراه، وهو إرغام العبد على ما لا يريد.
ومعنى الوضع: نفي وقوع الإثم مع وجودها، فلا إثم على مخطئ ولا ناسٍ، ولا مُكرَه، بل ذلك مما رفعه الله عنا رحمة بنا. ص113/114

الحديث الأربعون

س1: أرشد النبي ﷺ إلى الحال التي يكون بها صلاح العبد في الدنيا، وذلك بأن ينزل نفسه إحدى منزلتين، ما هما؟ وما هي المنزلة الأكمل؟

ج1: الأولى: منزلة الغريب، وهو المقيم بغير بلده، فقلبه متعلق بالرجوع إلى بلده، واشتغاله حينئذٍ بأمره في تلك البلدة التي هو فيها قليل، وركونه إلى أهلها ضعيف.
والثانية: منزلة عابر السبيل، وهو المسافر الذي يمر ببلد ثم يخرج منها، فتعلقه بها أشد ضعفاً من الغريب لأن مُكثه فيها أقل، وليست له رغبة في الإقامة.
والمنزلة الثانية أكمل من الأولى لقلة تعلُّق صاحبها بالدنيا. ص115/116

الحديث الحادي والأربعون

س1: ما هو تعريف الهوى؟

ج1: الهوى: هو الميل المجرد، ويغلب إطلاقه على خلاف الحق؛ فيكاد يكون الثاني مُراد الشرع. ص117

س2: للهوى معنيان، ما هما؟

ج2: أحدهما: الميل المجرد، وهو المراد في هذا الحديث.
والآخر: ميل القلب إلى خلاف الهدى.
فيكون معنى هذا الحديث: لا يؤمن أحدكم حتى يكون ميله تبعًا لما جئت به. ص117/118

س3: الإيمان المنفي في الحديث (لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ هَوَاهُ تَبَعًا لِمَا جِئْتُ بِهِ) يحتمل معنيين، ما هما؟

ج3: أحدهما: أن يكون المنفي أصل الإيمان، وذلك إذا كان المراد بما جاء به النبي ما لا يكون العبد مسلمًا إلا به من أصل الدين.
والآخر: أن يكون المنفي كمال الإيمان، وذلك إذا كان المراد بما جاء به النبي ما يكون العبد مسلمًا دونه، مما زاد على أصل الدين. ص118

الحديث الثاني والأربعون

س1: قوله: (يَا ابْنَ آدَمَ! إِنَّكَ مَا دَعَوْتنِي وَرَجَوْتنِي....) الحديث، مشتمل على ذكر ثلاثة أسباب عظيمة من أسباب المغفرة، اذكرها.

ج1: أولها: الدعاء المقترن بالرجاء، وقُرن الدعاء بالرجاء لإفادة أن الداعي حاضر القلب، مقبل على الله، غير غافل عنه.
وثانيها: الاستغفار.
وحقيقته عند الإطلاق: التوبة مع دعاء المغفرة.
وثالثها: توحيد الله، وأُشير إليه بانتفاء الشرك في قوله: (ثم لقيتني لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئاً) لأن غاية التوحيد إبطال الشرك، وأُخِّر ذِكْره مع جلالة قدْره لعِظَم أثره في محو الذنوب، وهو المذكور في قوله: (لَأَتَيْتُك بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً).
فجزاؤه الأوفى: المغفرة العظيمة. ص119/120

س2: ما معنى القُراب؟ والعنان؟

ج2: القُراب: بضم القاف وكسرها أيضاً، فيقال: قُراب، وقِراب: وهو ملء الشيء.
والعنان في الحديث: هو السحاب. ص120

خاتمة الكتاب

س1: لماذا لمَّا فرغ المصنف رحمه الله من سرد الأحاديث الجامعة قواعد الإسلام أتبعها بباب في ضبط خفي ألفاظها؟

ج1: أحدهما: منع الغلط في قراءتها، كما قال: (لئلا يُغلَط في شيء منها).
والآخر: إغناء حافظ تلك الضبوط عن غيره في تحقيق ألفاظها كما قال: (وليستغني بها حافظها عن مراجعة غيره في ضبطها). ص122

س2: ما الفرق بين القبول والتقبل؟ ومن الذي ذكر هذا الفرق؟ وبأيٍّ منهما وقع دعاء الأنبياء في القرآن

ج2: القبول يدل على صحة العمل وبراءة الذمة.
وأما التقبل فيشمل أيضاً محبة الله العامل ورضاه عنه. ذكره أبو عبد الله ابن القيم.
والدعاء بالتقبل هو الواقع في دعاء الأنبياء في القرآن الكريم. ص123

س3: ما هي حقيقة القدر التي ذكرها المؤلف وما المؤاخذة التي أُخذت عليه؟ وما هو المختار في حقيقة القدر؟

ج3: الذي ذكره المؤلف: تعتقد أن الله قدّر الخير والشر قبل خلق الخلق، وأن جميع الكائنات بقضاء الله تعالى وقدره، وهو مريد لها.
وهذا الذي ذكره المصنف هو بعض حقيقة الإيمان بالقدر.
والمختار أن الإيمان بالقدر يرجع إلى حقيقة شرعية مقدرة، هي علم الله بالوقائع وكتابتها، ومشيئته وخلقه لها.
والمراد بالوقائع هو المراد بالكائنات في كلام المصنف، وهي: الحوادث والأفعال. ص124

س4: يُقال في الصحابي (تميم الداريّ) الدَّيريُّ، لماذا؟

ج4: نسبةً إلى دير كان يتعبد فيه قبل الإسلام. ص127

س5: تفسير المصنف للريب بالشك فيه نظر، لماذا؟

ج5: الشك فرد من أفراده، فالريب شك وزيادة، والصحيح أن الريب: قلق النفس واضطرابها. ذكره جماعة من المحققين كابن تيمية الحفيد، وتلميذه ابن القيم، وحفيده بالتلمذة ابن رجب. ص129

س6: ما معنى الباء الموحدة؟

ج6: يعني نقطة واحدة، تمييزاً لها عن المثناة، المثناة التحتانية هي: الياء، والفوقانية: التاء. ص138

س7: ما صحة تعريف البدعة بأنها {لما عُمِلَ على غير مثال سبق}؟

ج7: هذا حد البدعة في اللسان العربي. ص138

س8: ما معنى: لغة رديئة؟

ج8: يعني ضعيفة. ص139

س9: ما معنى جرثوم؟

ج9: الجرثوم: أصل الشيء، منه كتاب في اللغة اسمه: (الجراثيم)، المقصود به أصول الكلمات. ص141

س10: ما معنى الحفظ في قوله: {مَن حفظ على أمتي أربعين حديثًا}؟

ج10: معنى الحفظ هنا: أن ينقلها إلى المسلمين، وإن لم يحفظها ولم يعرف معناها. ص143

س11: متى فرغ الإمام النووي رحمه الله من كتابه؟

ج11: قال: فرغتُ مِنه ليلة الخميس التاسع والعشرين مِن جمادى الأولى سنة ثمان وستين وستمائة. ص143

شرح الزيادة الرجبية على الأربعين النَّوويَّة

المقدمة

س1: من صاحب كتاب (الزيادة الرجبية على الأربعين النَّوويَّة) ومتى تُوفي؟

ج1: الحافظ عبد الرحمن بن أحمد ابن رجب الدمشقي رحمه الله، المتوفَّى سنة خمسٍ وتسعين وسبعمائة. ص5

س2: ما معنى قول المؤلف رحمه الله عندما تكلَّم عن الأربعين النووية ومؤلفها، فقال: {المُشتهر بنسبته إليه}؟

ج2: أي اسمه السيَّار، فإنَّ اسمه المشهور بين النَّاس (الأربعين النووية)، أمَّا اسمه الذي سمَّاه به مصنِّفه فهو: (الأربعين في مباني الإسلام وقواعد الأحكام). ص6

س3: ما معنى قول المؤلف رحمه الله: {الحاوية أُمَّات الأحاديث النبويَّة}؟

ج3: أُمَّات: لغةٌ في الأمَّهات، فالأمَّات والأمهات بمعنى واحد، وذهب بعض أهل العربية إلى أنَّ الأمَّات: جمع للأمِّ لغير العاقل، والأمَّهات: جمعٌ للأمِّ للعاقل.
والمشهور عند أهل العربية التَّسوية بينهما، فيقع كلُّ واحدٍ منهما موقع الآخر، فأمَّاتٌ وأُمَّهات جمعٌ للأمِّ، للعاقل وغير العاقل. ص6/7

س4: على من اعتمد النووي رحمه الله ، لمَّا كتب كتابه المعروف ب{الأربعين النووية}؟

ج4: اعتمد على ابن الصلاح رحمه الله، حيث جمع ابن الصلاح جزءًا سمَّاه (الأحاديث الكليَّة) وقد ذكرها النووي رحمه الله في كتابه (بستان العارفين) وزاد عليها، ثمَّ إنَّه نشط بعد ذلك فألَّف كتاب (الأربعين النووية)؛ أورد فيها الأحاديث الكلية لابن الصلاح مع زيادته عليها. ص8

س5: الأحاديث التي زادها ابن رجب رحمه الله ذكرها مختصرة في مقدمة كتابٍ له، ما اسم هذا الكتاب؟

ج5: جامع العلوم والحكم. ص9

س6: ما الذي حمل الحافظ ابن رجب رحمه الله على تقييد الزيادة على كتاب {الأربعين النووية}؟

ج6: الذي حمله على ذلك أنَّ بعض من شرح الأربعين النووية تعقَّب جامعها لتركه حديث: (أَلْحِقُوا الفَرائِضَ بأَهْلِها، فَما تَرَكَتِ الفَرائِضُ فَلِأَوْلى رَجُلٍ ذَكَرٍ) لأنَّه الجامع لقواعد الفرائض التي هي نصف العلم، فرأى أن يضمَّ هذا الحديث إليها، ويضمَّ إلى ذلك كلِّه أحاديث أُخَر من جوامع الكلم الجامعة لأنواع العلوم والحِكَم. ص10

س7: من الذي استدرك على النووي رحمه الله عدم ذكره حديث: {أَلْحِقُوا الفَرائِضَ بأَهْلِها، فَما تَرَكَتِ الفَرائِضُ فَلِأَوْلى رَجُلٍ ذَكَرٍ}؟

ج7: هو العلَّامة الطُّوفيُّ رحمه الله. ص10

س8: ما معنى قول الشيخ العصيمي حفظه الله: {وإنَّ من وصل الطَّارف بالتَّالد}؟

ج8: الطَّارف بتشديد الطَّاء: ما استُفيدَ حديثًا.
والتَّالد بتشديد التَّاء: ما استُفيدَ قديمًا. ص11

س9: ما معنى قول الشيخ العصيمي حفظه الله: {تقويةً لوشائج الاتِّصال}؟

ج9: الوشائج: هي الروابط، جمع وشيجة، وهي: الرَّابطة والصِّلة. ص11

س10: ما معنى قول الشيخ العصيمي حفظه الله: {صعَّدتها}؟

ج10: صعَّدتها بتشديد العين: أي جمعتها مرتفعةً. ص11

س11: ما معنى قول الشيخ العصيمي حفظه الله: {في ربوةٍ مباركة}؟

ج11: الرَّبوة: اسمٌ لما ارتفع من الأرض، وبركتها لكونها من كلام مَن لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم.

س12: ما معنى قول الشيخ العصيمي حفظه الله: (فوائد تُنصُّ)؟

ج12: أي تظهر وتُوضَح. ص11

الحديث الثالث والأربعون
وهو الحديث الأول من (الزيادة الرَّجبيَّة)

س1: لماذا قال المصنف في تخريج هذا الحديث: (خرَّجه البخاري ومسلم) ولم يقل: (متفق عليه)؟

ج1: لأنَّ الإفصاح أبلغ في الإيضاح، فالإفصاح بذكر اسم المخرِّجين أبلغ في التعريف. ص13

س2: في هذا الحديث: (أَلْحِقُوا الفَرائِضَ بأَهْلِها) أصلان جامعان يُبيِّنان أحكام الفرائض، ما هما؟

ج2: أحدهما: قوله صلى الله عليه وسلم: (أَلْحِقُوا الفَرائِضَ بأَهْلِها): أي أعطوا كلَّ ذي حقٍ فرض اللهُ ميراثَهُ ما فرَضَهُ الله، فأصحاب الفرائض هم مَن لهم نصيبٌ مقدَّرٌ شرعًا من الميراث.
والآخر: قوله صلى الله عليه وسلم: (فَما تَرَكَتِ الفَرائِضُ فَلِأَوْلى رَجُلٍ ذَكَرٍ) أي: ما تركت الفرائض بعد استيفاء حقوق أصحابها فإنَّه يُدفع لأَولى رجلٍ ذكر.
و (ذَكَر): بفتحتين، هو تأكيدٌ لما قبله، فكلُّ رجلٍ ذكر، والمراد به: أقربُ رجلٍ في النَّسب إلى الموروث، والمقصود بهم: العَصَبَة. ص13/14

س3: عرِّف العَصَبَة، وما أصحُّ أقوال أهل العلم في ترتيبهم؟

ج3: العصبة: هم من يُرَدُّ عليهم الميراث بعد استيفاء أصحاب الفرائض فروضهم.
فإذا استوفى أصحاب الفروض فروضهم ثمَّ بقيَ بعدَ ذلك فضلٌ فإنَّه يُدفع لعصبة الرجل؛ وهم الأقربون منه نسبًا.
واختلف الفقهاء في ترتيبهم في القرابة على أقوال، والصحيح من أقوال أهل العلم ترتيبهم كما قال الناظم:
بُنُوَّةٌ أُبوَّةٌ أُخُوَّه عُمُومةٌ وذو الوَلا التتمَّه. ص14

س4: الحديث المذكور جامع لنوعين من الإرث في المشهور عند أهل العلم، ما هما؟ وهل يُزاد عليهما وارث ثالث، وهل زيادته صحيحة؟

ج4: نوعا الإرث في الحديث: الإرث بالفرض، والإرث بالتعصيب.
وزادَ جماعة من الفقهاء إلى إلحاق وارث ثالث وهم: ذو الأرحام، وهو الصحيح.
قال الرحبي رحمه الله:
اعلم بأنَّ الإرث نوعان هما: فرضٌ وتعصيبٌ على ما قُسِما
وزاد الشيخ العصيمي حفظه الله بعده:
هذا على المشهور عند الشافعي وورَّث الأرحام قومٌ فاقنعِ.
وخلت (المنظومة الرحبية) من بيان ذوي الأرحام، وقد تمَّمها الشيخ العصيمي حفظه الله في منظومةٍ اسمها: (التَّكملة الوردية للمنظومة الرحبية). ص14/15

الحديث الرابع والأربعون
وهو الحديث الثاني من (الزيادة الرَّجبيَّة)

س1: ما المراد بلفظ (الولادة) في الحديث: (الرِّضاعة تحَرِّمُ ما تُحَرِّمُ الوِلادَةُ)؟

ج1: المراد بالولادة: النَّسب، فالأم تَحرُمُ بالنَّسب، وكذلك الأمُّ المُرضِع تَحرُمُ بالنَّسب، فلو قُدِّرَ أنَّ أحدًا أرضعته امرأة، صارت أمًّا له بالرَّضاعة، وهكذا في القرابات كالجدات، والأمهات، والأخوات. ص16

س2: التحريم المذكور في الحديث هو بالنَّظر إلى المُرضِع أم المُرضَع؟

ج2: التحريم المذكور هو بالنظر إلى المُرضِع، فإنَّ أقارب المُرضِع هم الَّذين تصير لهم قرابةٌ من المُرضَع، فإذا أرضعت امرأةٌ أحدًا صارت قرباتها قرابةً له، فصارت أمُّها جدَّةً له.
وأمَّا أقارب المرضَع فلا صِلةَ لهم بذلك إلا أولاده، فإخوة المرضَع لا يصيرون أولادًا للمرأةِ التي أرضعت أخاهم. ص16/17

س3: ما هو الرَّضاع المحرِّم؟

ج3: هو ما كان خمس رضعاتٍ مُشبعاتٍ في زمن الرَّضاع قبل الفِطام.
هذا مذهب الجمهور وهو الصحيح.
وليس المقصود بالرَّضعة: التقام الصَّبيِّ الثَّدي، بل المقصود: ما يقوم مقام الأكلةِ والوجبة. ص17

الحديث الخامس والأربعون
وهو الحديث الثالث من (الزيادة الرَّجبيَّة)

س1: في هذا الحديث: (إنَّ اللَّهَ ورَسوله حَرَّمَ بَيْعَ الخَمْرِ، والمَيْتَةِ والخِنْزِيرِ والأصْنامِ.... الخ) ثلاث مسائل من جوامع الأحكام في الحلال والحرام، اذكرها.

ج1: المسألة الأولى: أنَّ الله حرَّم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام.
المسألة الثانية: أنَّه يَحرمُ الانتفاع بها كما يحرمُ بيعُها، فالضمير في قوله: (لا، هو حَرامٌ) عائدٌ على الانتفاع، فالمنفعة محرَّمةٌ تحريم البيع، فالمنفعة من المحرَّم مُحرَّمة كبيعه، وهذا قول جمهور أهل العلم، وهو الصحيح.
المسألة الثالثة: إبطال الحيل والوسائل المُفضية إلى المحرَّم

س2: ما الفرق بين الأقدمين والمتأخرين في استعمال اسم (الحيل)؟ واذكر بعض الكتب التي أُلفت في مسألة {الحيل}؟

ج2: اسم (الحيل) عند الأقدمين مقترنٌ بالاحتيال والمكر، وهذا ذمَّه السلف، ثمَّ توسَّع المتأخِّرون في حقيقة (الحيل) فجعلوها اسمًا لكلِّ ما يُتوصَّل بها إلى مقصوده وجعلوا منه حيلةً جائزةً وحيلةً محرَّمة باعتبار ورود الإذن بها وعدمه.
ومن عيون المصنفات النافعة في هذا الباب كتاب: (إبطال الحيل) للحافظ ابن بطَّة الحنبلي.
وكتاب: (إقامة الدليل على بطلان التحليل) لأبي العباس أحمد ابن تيمية رحمهما الله تعالى. ص19

الحديث السادس والأربعون
وهو الحديث الرابع من (الزيادة الرَّجبيَّة)

س1: لماذا اقتصر المصنف رحمه الله على عزوِ هذا الحديث: (كُلُّ مُسْكِرٍ حَرامٌ)، إلى البخاري فقط مع أنَّ مسلم خرَّج الحديث أيضًا؟ وما الأكمل في العزو؟

ج1: لأنَّه ربما قصد اللفظ، لأنَّ لفظ هذا الحديث للبخاري.
والعزو بالاتفاق أولى، والأكمل في هذا أن يُقال: (متفقٌ عليه واللفظ للبخاري)، لئلَّا يتوهَّم أنَّ الحديث ليس عند (مسلم)، فرتبة المتفق عليه هي أعلى مراتب الصحيح. ص20

س2: ما الأمر الذي ينبغي العناية به في فهم السُّنَّة النَّبويَّة؟

ج2: الإحاطة بالكلّيات الواردة في الأحاديث النَّبويَّة، كقوله صلى الله عليه وسلم هنا: (كلُّ مُسْكرٍ حرام)، وقوله صلى الله عليه وسلم: (كلُّ معروفٍ صدقةٌ)، فهذه الكلِّيات حقيقةٌ بالتَّتبُّع والجمع.
وقد صنَّف بعضُ أهل العصر في (كلِّيات القرآن) أي الواقعة باسم (كُلّ) في القرآن الكريم، كقوله تعالى: ﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ﴾ ص21

س3: عرِّف المُسكِر؟

ج3: المُسكِر: اسمٌ لما غطَّى العقل، أي: ستره وغيَّبه حتَّى تكون حال صاحبه كحال فاقده، وهو المجنون، فإذا زال أثر المُسكر رجع إليه عقلُهُ، ولهذا سُمِّي (مُسكرًا) لما فيه من التَّغطية، فإنَّ التغطية ترتفع ولا تبقى.
وهذا وصفًا للمسكرات المتقدِّمة، ووجد اليوم من أنواع المُسكرات ما يزول معه العقل بالكليَّة ولا يرجع إلى صاحبه. ص21

س4: هل يختص اسم المُسكر بالشراب؟

ج4: لا يختصُّ اسم المُسكِر بالشَّراب، بل كلُّ ما وُجدت فيه علَّته وهي (الإسكار) صار من المُسكرات ولو كان غير مشروب، كالحشيش ونحوه. ص21/22

الحديث السابع والأربعون
وهو الحديث الخامس من (الزيادة الرَّجبيَّة)

س1: لماذا ذكر المصنف رحمه الله في تخريج الحديث: (ما ملأ آدميٌّ وعاءً شرًّا من بطنٍ.... الخ) الإمام أحمد مع أصحاب السنن، مع الاستغناء بهم عنه؟

ج1: السبب في ذلك: أنَّ المؤلف حنبلي، ومن عادة الحنابلة أنَّهم يذكرون تخريج الإمام أحمد للحديث مع غيره، وإلا فالجادة المرعيَّة، تقديم عزو الحديث إلى الصحيحين أو أحدهما إذا كانافيهما ،فإذا خلا ((الصحيحان )) من الحديث عُزي بعدهما إلى ((السنن)) ، فإن لم يوجد فيهما عُزي إلى مسند الإمام أحمد. ص23

س2: ذكر المصنف رحمه الله قول الترمذي في الحديث أنّه: حسن، ووقع في بعض النُسخ: حسنٌ صحيح. فما الملتجأ عند وقوع الخُلْف في نُسخ الترمذي؟

ج2: إذا وقع خُلْفٌ بين نسخ التِّرمذي التي بأيدينا فيما ينقل عنه من الكلام فإنَّ الملتجأ يكون إلى كتاب (تحفة الأشراف) للمِزِّي رحمه الله، فإنَّه رحمه الله أثبت كلام الترمذي رحمه الله من نسخٍ متَّصلةٍ عنده بالسماع، ثمَّ هو يُبيِّن الاختلاف بينها إذا وُجد. ص24

س3: يُعرف من نقل المِزِّي رحمه الله أمران، اذكرهما.

ج3: أحدهما: أنَّ نسخ التِّرمذي مختلفةٌ فيما ذكره من حُكْمٍ على هذا الحديث.
الآخر: أنَّ المُقدَّم عند المِزِّيِّ هو كون الترمذي قال عنه: (حديث حسن)، لأنَّ المزِّيِّ قدَّمه، ثمَّ قال: (وفي بعض النسخ: حسن صحيح)، ولو عكس فقال: قال الترمذي: حسنٌ صحيح، وفي بعض النسخ: حسن. كان المُقدَّم عن المزِّيِّ فيما ينسبه إلى الترمذي أنَّه يحكم عليه بأنَّه حسنٌ صحيحٌ. ص24

س4: هل إسناد هذا الحديث: (ما ملأ آدميّ وعاءً شرا من بطن ) متَّصل أم منقطع؟

ج4: هذا الحديث إسناده المشهور عند أصحاب السنن منقطع، مع وقوع التَّصريح بالسَّماع فيه، فإنَّه من رواية يحيى بن جابر الطَّائيِّ عن المِقدام رضي الله عنه، وقال فيه يحيى بن جابر سمعتُ المقدام، إلا أنَّ ذكر السَّماع غلطٌ. ص24

س5: هذا الحديث : (ما ملأ آدميّ وعاءً شرًّا من بطن ) هو حديثٌ جليلٌ في حفظ الصحة لاشتماله على أصولٍ نافعة. اذكر هذه الأصول.

ج5: أوَّلها: أنَّ شرَّ وعاءٍ يملؤه الآدمي بطنه.
فالتَّخمة قنطرة البِطْنة، والبِطنة تُذهبُ الفِطنة، فمن توسَّع في مطعمه ومشربه عَلَتهُ السُّمنة ففتخت عليه أبواب علل الجسد والرُّوح، فالجسد يتأذَّى بالجهدِ في هضم الطَّعام، فإنَّه يعاني من ذلك شِدَّةً، والرُّوح تتأذَّى بما يتصاعدُ من الأبخرة من المِعدة فيؤثِّر على الدَّماغ، فيمنعُ المتَّسع في الأكل من الإفهام والتَّفهيم، ومن اعتدلَ في طعامه دون إفراط أو تفريطٍ حفظ جسمَه وروحه.
وكان محمد بن واسع رحمه الله يقول: (من قلَّل طعامه فَهِمَ وأفْهَمَ)، لأنَّه إذا أفرغ البطنُ ممَّا يزيد عن قدر الحاجة ولَّد ذلك فراغَ القلب، فيتهيَّأُ من قوة القلب ما يعين على الفهم والإفهام، بخلاف ما إذا امتلأ البطن فإنَّه يشقُّ على العبد أن يُكابد الفهم والإفهام.
الثاني: أنَّ ابن آدم يكفيه أكلاتٌ يُقِمنَ صُلَبه، أي: يحفظن قوَّته.
وأصل الصُّلب: ما سَفُلَ من الظَّهر، والمراد به هنا: الجسد كلُّه، من إطلاق الجزء وإرادة الكلِّ تعظيمًا لقدره.
والثالث: أنَّ الزيادة على قدر الحاجة لمن كان لا محالة فاعلًا ينبغي أن ينتهيَ إلى أن يجعلَ ثُلثًا لطعامه، وثُلثًا لشرابه، وثُلثًا لنَفَسِهِ ليتمكَّن من التَّنفُّس، لأن البطن إذا امتلأ ضَغَطَ على الرِّئتين اللَّتين هما آلة التَّنفُّس، فصار البدنُ كَلِيلًا تَعِبًا في مكابدة التَّنفُّس، بخلاف إذا ترفَّق العبد فأخلى ثُلثَ بطنه ليكون سعةً للرِّئتين في أداءِ عملهما في التَّنفُّس. ص25/26

س6: اذكر ضبط كلمة (أَكَلات)، وهل تفيد هنا التَّقليل أم التكثير؟

ج6: قوله: (أَكَلَات) بفتح الهمزة والكاف، ويجوز أيضًا ضمُّ الهمزة مع ضمِّ الكاف وسكونها، أي: أُكُلات، وأُكْلات.
وجمع المؤنَّث السَّالم هنا مفيدٌ التَّقليل بقرينة قوله صلى الله عليه وسلم: (بحسبِ ابن آدم) أي: يكفي ابن آدم، لأنَّ جمع المؤنَّث السَّالم يجيء للتَّقليل والتَّكثير معًا، ودلَّت القرينة الواردة في الحديث على إرادة التَّقليل، وهي قوله: (بِحسبِ ابن آدم) أي: يكفي ابن آدم. ص26

س7: للآكل ثلاثة أحوال، اذكرها؟

ج7: أحدها: أن يأكل شيئًا لا يسدُّ رَمَقَه ولا يحفظ قوَّته، وهذا منهيٌّ عنه، لمخالفته الأمر الوارد في قوله تعالى: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا)، فإنَّه أمرٌ لتناول الأكلِ والشرب الحافظ قوَّة البدن، ليقوم العبد بما أمر الله عزَّ وجلَّ به، فإن كان يُضعِفُه عن المأمورِ ولا يؤدِّي إلى تركه فالنَّهي للكراهة، وإن كان يؤدِّي إلى تركِ المأمورِ فالنَّهيُ للتَّحريم.
الحال الثانية: أن يأكلَ مما يسدُّ رمَقَه ويحفظُ قوَّته دون زيادة، وهذا مستحبٌّ وهو المذكور في الحديث.
الحال الثالثة: أن يأكل فوق رمقَهُ ويحفظ قوَّته، وهذا له درجتان:
الأولى: أن يبلغ شِبعًا لا يثقلُ به بدنه، فيجعلُ ثُلثًا لطعامه، وثُلثًا لشرابه، وثُلثًا لنَفَسِهِ، وهذا جائز وهو المذكور في الحديث.
الثانية: أن يبلغ شِبعًا يثقلُ به بدنه، فهذا منهيٌّ عنه نهيَ كراهةٍ إن لم يؤدِّ إلى ترك المأمور، ونهي تحريمٍ إذا أدَّى إلى ترك المأمور. ص26/27

س8: ما حكم الامتناع عن الطَّعام وهو ممَّا يُسمى بــ(الإضرابات)؟

ج8: الامتناع عن الطعام ممَّا يُسمَّى بــ(الإضرابات) هذا محرَّم، لأنَّه يؤدِّي إلى تعطُّل العبد عمَّا يجب عليه من المأمورات. ص27

الحديث الثامن والأربعون
وهو الحديث السادس من (الزيادة الرَّجبيَّة)

سس1: اذكر خصال النِّفاق المذكورة في الحديث: {أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا} واشرحها.

ج1: الأولى: كذب الحديث، لقوله: (إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ)، أي: أخبر بخلاف الواقع.
الثانية: إخلاف الوعد، لقوله: (وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ)، أي: لم يفِ بوعده.
الثالثة: فجور الخصومة، لقوله: (وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ)، أي: مال عن الحقِّ عمدًا واحتال في ردِّه.
الرابعة: غدر العهد، لقوله: (وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ)، أي: نكْثُهُ ونقضُهُ. ص28/29

س2:اذكر أنواع المتَّصفين بخصال النفاق.

ج2: الأول: المتَّصف بخصْلَةٍ منهنَّ، ففيه خصلةٌ من النفاق حتى يدعها، ومثله من جمع إليه أخرى، لكن لم يُشرَب قلبُهُ الخِصال كلَّها.
الثاني: المتَّصف بهذه الخِصال الأربع كلِّها، فمن كنَّ فيه كان منافقًا خالصًا، والمراد به: نفاق العمل، وهو: إظهار علانيَّةٍ صالحة مع إبطان خلافها. ص29

س3: من جمع خصال النفاق المذكورة في الحديث، من أي نوع من أهل النفاق يكون ؟

ج3: الجامع لهذه الخصال الأربع يصير معدودًا من أهل النفاق العملي، وهو مما لا يخرج به العبد من الإسلام، لكنَّه مَدرَجٌ يُفضي إلى النِّفاق الاعتقادي فيُوشِكُ من أُشرِبَ قلبُهُ هذه الخصال أن يزول عن الإسلام إلى النفاق بإبطان الكفر وإظهار الإسلام، وهذا معنى قول جماعةٍ: (المعاصي بريد الكُفر)، أي تُوصل إليه وتفضي بالعبدِ إلى الوقوع فيه، فكذلك تكون هذه الخصال في النِّفاق العمليِّ مَدرجًا موصلًا إلى النِّفاق الاعتقادي. ص29

الحديث التاسع والأربعون
وهو الحديث السابع من (الزيادة الرَّجبيَّة)

س1: لماذا ذكر المصنف رحمه الله في تخريج الحديث: (لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله) ابن حبان والحاكم؟ وما اسم كتاب كلُّ واحدٍ منهما عندما نعزو إليه؟

ج1: ذكر المصنف ابن حِبَّان والحاكم، لأنهما صحَّحا الحديث بتخريجهما له في كتابيهما، فيسوغ ذكرهما، لما يفيد من صحَّة الحديث عندهما.
والمراد بالعزو لابن حِبَّان كتابه المعروف (الأنواع والتقاسيم)، والمراد بالعزو للحاكم كتابه المعروف (المُستدرك على الصَّحيحين). ص30/31

س2: على ماذا يُطلق اسم الحديث {الجيِّد}؟

ج2: يُطلق على ما علا عن الحسن وتقاصَرَ عن الصحيح، وهو في الحقيقة يرجع إلى نوع الحسن، لكنَّه أعلاه، فأعلى الأحاديث الحسنة مرتبةً هو الأحاديث التي يُقال فيها: جيِّد. ص31

س3: اشرح هذه الجملة من الحديث: {لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصاً وتروح بطاناً}؟

ج3: تغدو: تخرج بكرةً أوَّل النَّهار.
خماصًا: ضامرة البطون من الجوع.
تروح: تعود في آخر النَّهار إلى أوكارها.
بطانًا: شِباعًا ممتلئة البطون.
فالعبد إذا كَمُلَ توكُّلُهُ حصلت الكفاية له. ص31

س4: لماذا ذُكِرَ (الرزق) مع أنَّه من أفراد الكفاية؟

ج4: لأنَّه من أشدِّ ما تتعلق به النُّفوس، فإنَّ العبد مفتقرٌ إلى الكفاية في أنواعٍ شتَّى، منها قوَّته ورزقه، ومنها صحته، ومنها ذرِّيتُهُ، لكن ذُكِرَ هذا الفرد دون غيره لشدَّةِ تعلُّق نفوس الخلق فيها. ص31

س5: عرِّف التَّوكُّل على الله شرعًا. واذكر دليلًا على التوكل.

ج5: التَّوكُّل على الله شرعًا: هو اعتماد العبد على الله وإظهار عجزه له.
ودليله: قوله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} ص32

س6: ما التّوكُّل المأمور به في الحديث؟

ج6: المأمور به في الحديث هو: حقُّ التوَّكُّل لا التوَّكُّل المجرَّد، وهذا نظير قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ﴾ آل عمران: 102، فإنَّ حقَّ التقوى غير التقوى.
والمراد بحقِّ التَّوكُّل: كماله، فمتى كمُلَ التَّوكُّل صار في هذه المرتبة المأمور بها. ص32

س7: هل في الحديث أن تعاطي الأسباب والأخذ بها ينافي التَّوكُّل؟

ج7: تعاطي الأسباب والأخذ بها لا ينافي التَّوكُّل، لما فيه من ذكر الغُدوِّ والرَّواح، فإذا أخذ العبد في الأسباب لم يكن ذلك قادحًا في توَّكُّلِهِ، وقيل للأمام أحمد: رجلٌ في المسجد أو بيته ويقول: يأتيني الله بالرِّزق. فأنكره وقال: هذا رجلٌ جَهِلَ العلم، ثمَّ ذكر هذا الحديث، يعني: لما فيه من ذكر الأخذ بالأسباب وتقديمها. ص32
الحديث الخمسون
وهو الحديث الثامن من (الزيادة الرَّجبيَّة)

س1: لماذا اقتصر المؤلف على عزو الحديث (أنَّ رجُلًا قال يا رسولَ اللهِ إنَّ شرائعَ الإسلامِ قد كثُرت عليَّ....الحديث) على مسند الإمام أحمد؟ وهل هو موجود عند غيره؟

ج1: الحديث موجود عند الترمذي وابن ماجه أيضًا، والعزو إليهما أولى مراعاةً لمقام أصحاب السنن، ولعلَّ ابن رجب رحمه الله عمد إلى الاقتصار على مسند الإمام أحمد لكون اللفظ المذكور هو لفظه، وكان الأولى أن يقول: رواه الترمذي وابن ماجه وأحمد واللفظ له، وساغ ذكر أحمد معهما مع الاستغناء عنه في هذا الموضع للحاجة إلى اللفظ. ص33

س2: متى يسوغ في التخريج العزو إلى غير الكتب الستة، مع وجود الحديث في الكتب الستة؟

ج2: قال الشيخ العصيمي حفظه الله:
وما أتى في ستةٍ لا يُعزا لغيرها إلَّا لأمرٍ عزَّا
كلفظةٍ أو قوَّةٍ في سندِ أو نقْلِنا لقوله المعتمدِ ص34

س3: لماذا خصَّ ابن رجب هذا الحديث: (أنَّ رجُلًا قال يا رسولَ اللهِ إنَّ شرائعَ الإسلامِ قد كثُرت عليَّ....الحديث) بالإيراد دون سائر أحاديث الأذكار؟

ج3: خصَّ ابن رجب هذا الحديث بالإيراد دون سائر أحاديث الأذكار، لدلالته عليها جميعًا من وجهين:
الأول: قول السَّائل المستفتي: (فبابٌ نتمسَّكُ به جامع)، أي: يحيط بأفرادٍ كثيرةٍ لنتمسَّك به في العمل.
الثاني: قول المُجيب المُفتي وهو النبي صلى الله عليه وسلَّم: (لا يَزالُ لسانَك رَطبًا من ذكرِ اللهِ)، أي: طريًّا، بأن تكون مكثرًا من ذكر الله عزَّ وجلَّ، فما دام على تلك الحال فإنَّ لسانه لا يزال رطبًا لا ييبس، فهو كقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا﴾. ص34

س4: ما معنى ذكر الله؟ واذكر أنواعه؟

ج4: ذكر الله شرعًا: إعظام الله وحضوره بالقلب واللسان أو أحدهما.
وذكر الله عزَّ وجلَّ نوعان:
أحدهما: ذكر الله المتعلِّقُ بالخبر.
الآخر: ذكر الله المتعلِّق بالطَّلب. ص35

س5: اذكر أنواع: ذكر الله المتعلِّقُ بالخبر.

ج5: ذكر الله المتعلِّقُ بالخبر نوعان:
أحدهما: ذكر الله المتعلِّق بخبره عن نفسه في أسمائه وصفاته، وهو قسمان:
أ-ذكره بالثناء عليه بها، كالتسبيح والتَّحميد، بقولك: سبحان الله، والحمد لله، ونظائرهما.
ب-ذكره بالخبر عن أحكامها، كقولك: إنَّ الله يسمع الأصوات ويرى الحركات.
الآخر: ذكر الله المتعلِّق بخبره عن خلقِهِ في قدَرِهِ ومَفعولاته، وهو قسمان:
أ-ذكر آلائه وإحسانه وأنواع نعمائه، كالسمع والبصر والمشي.
ب-ذكر أيَّامه وعذابه وأنواعِ عقابه، كالصَّعقةِ والمسخ والخسف. ص35

س6: اذكر أنواع: ذكر الله المتعلِّقُ بالطَّلب

ج6: ذكر الله المتعلِّقُ بالطَّلب نوعان:
أحدهما: ذكر الله المتعلِّقُ بالطَّلب عِلمًا وتبليغًا، وهو قسمان:
أ-ذكر أمره ونهيه بالعلم به أمرًا ونهيًا وإذنًا، كفرض الصلاة المكتوبة، وتحريم الخمر، وحِلِّ السَّمك.
ب- ذكر أمره ونهيه بالخبر عنه أمرًا ونهيًا وإذنًا، كقولك: إنَّ الله أمر بإقامة الصلاة، وحرَّم الخمر، وأحلَّ السَّمك.
الآخر: ذكر الله المتعلِّقُ بالطَّلب عملًا وجزاءً، وهو قسمان:
أ-ذكر أمره ونهيه بالعمل به مسابقةً إلى أمره وفرارًا عن نهيه.
ب-ذكر أمره ونهيه بالجزاء عليه أجرًا على امتثال المأمور ووزرًا على انتهاك المحرَّم المحظور. ص35/36

باب الإشارات
إلى ضبط الألفاظ المشكلات

س1: لماذا قال المؤلف رحمه الله في خطبة الكتاب في ذكر اسم النووي رحمه الله، من {شَرَفٍ}؟

ج1: لئلَّا يُتوهم أنَّه شريف، فإنَّ اسم (شريف) أشهر من اسم (شرف). ص37

س2: ما معنى قول المصنف عندما ذكر (الرَّضاعة) فقال: اللغة العُلويَّة: أوَّلها؟

ج2: يعني: الأعلى في اللسان، فهي الأفصح، وهذا من الألفاظ الموضوعة عندهم في درجات كلام العرب بالحكم عليه، فكما يُحكم على الأحاديث يُحكم على اللغات، وهي درجات، فإذا وجدتَ أنَّهم قالوا عن كلمةٍ في ضبطها: (اللغة العُلويَّة) يعني: اللغة لأصح فيها هي كذا وكذا. ص39

صالح العصيمي

المدرس بالمسجد الحرام والمسجد النبوي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى